يسْأَل عَنهُ، حَتَّى أدْركهُ اللَّيْل، فاضطجع، فَرَآهُ عَليّ بن أبي طَالب، فَعرف أَنه غريبٌ، فَلَمَّا رَآهُ تبعه، وَلم يسْأَل واحدٌ مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى أصبح، ثمَّ احْتمل قربته وزاده إِلَى الْمَسْجِد، فظل ذَلِك الْيَوْم وَلَا يرى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَمْسَى، فَعَاد إِلَى مضجعه، فَمر بِهِ عليٌّ، فَقَالَ: مَا أَنى للرجل أَن يعرف منزله؟ فأقامه فَذهب بِهِ مَعَه، وَلَا يسْأَل واحدٌ مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الثَّالِثَة فعل مثل ذَلِك، فأقامه عليٌّ مَعَه، ثمَّ قَالَ لَهُ: أَلا تُحَدِّثنِي مَا الَّذِي أقدمك هَذَا الْبَلَد؟ قَالَ: إِن أَعْطَيْتنِي عهدا وميثاقاً لترشدني فعلت. فَفعل، فَأخْبرهُ، فَقَالَ: فَإِنَّهُ حقٌّ، وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَإِذا أَصبَحت فاتبعني، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء، فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي. فَفعل، فَانْطَلق يقفوه حَتَّى دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَدخل مَعَه، فَسمع من قَوْله، وَأسلم مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " ارْجع إِلَى قَوْمك، فَأخْبرهُم حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي " فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأصرخن بهَا بَين ظهرانيهم. فَخرج حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وثار الْقَوْم فضربوه حَتَّى أضجعوه، وأتى الْعَبَّاس فأكب عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْلكُمْ، ألستم تعلمُونَ أَنه من غفار، وَأَن طَرِيق تجارتكم إِلَى الشَّام - يَعْنِي عَلَيْهِم - فأنقذه مِنْهُم، ثمَّ عَاد من الْغَد لمثلهَا، وثاروا إِلَيْهِ، فضربوه فأكب عَلَيْهِ الْعَبَّاس فأنقذه.
١٠٦٩ - الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ:
جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي رجل أصور هَذِه الصُّور، فأفتني فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادن مني، فَدَنَا ثمَّ قَالَ: ادن مني، فَدَنَا حَتَّى وضع يَده على رَأسه وَقَالَ: أنبئك بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: " كل مُصَور فِي النَّار، يَجْعَل لَهُ بِكُل صُورَة صورها نفسا، فتعذبه فِي جَهَنَّم ". قَالَ: إِن كنت لابد فَاعِلا فَاصْنَعْ الشَّجَرَة وَمَا لَا نفس لَهُ ".
وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث عَوْف عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ: كنت عِنْد ابْن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute