للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التكملة:

الْأَحْكَام الدنيوبة مُتَعَلقَة بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ الاستسلام الَّذِي لَا يعقل إِلَّا بخطاب وَفرق بَين الْإِيمَان وَالْإِسْلَام. قَالَ الله تَعَالَى: {قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا} ، وَلِهَذَا لم يعقل الْإِسْلَام قبل وُرُود الشَّرْع، وَلَكِن عقلت الْمعرفَة وَالنَّظَر؛ لِأَنَّهُ لَا إِلْزَام فإسلام الصَّبِي كإسلام من أسلم قبل الْبعْثَة، فَإِن الشَّرِيعَة لم تلْزم الصَّبِي، وَإِنَّمَا حلنا بَينه وَبَين أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قد بَدَت مِنْهُ مخايل الْإِسْلَام، فَرُبمَا رداه وَدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين لكَونه مُسلما فِي أَحْكَام الْآخِرَة، وَالله أعلم بسريرته، فَإِن قَالُوا أوجب عَلَيْهِ الْإِسْلَام عقله، فَالْجَوَاب أَن الْعقل لَا يُوجب شَيْئا وَلَا نسلم عِقَاب صبيان الْكفَّار.

ونقول: من صَحَّ إِسْلَامه تبعا لِأَبَوَيْهِ لم يَصح إِسْلَامه لنَفسِهِ كَيْلا يصير التَّابِع أصلا ونقف مَعَ هَذَا الْحَرْف وَهُوَ أَن الْإِسْلَام بحقيقته لَا يُوجد من صبي، وَلَا يُمكن أَن يُقَال: إِن الْإِسْلَام وَاجِب فِي ذمَّته، لِأَن إِيجَاب الْعِبَادَات والتكاليف فِي الذِّمَّة محَال، إِذْ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا خطاب طلب الْفِعْل، وَذَلِكَ لَا يعقل فِي الذِّمَّة، فَإِن ناقضونا بالذمي، فَإِنَّهُ غير مَحْمُول على الْإِسْلَام، وَلَو أسلم قُلْنَا من قَالَ إِنَّه غير مَحْمُول على الْإِسْلَام، وَهل الْجِزْيَة إِلَّا حمل على الْإِسْلَام لكَونهَا عُقُوبَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>