التكملة:
الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة فشغلها بِالْإِتْلَافِ إِنَّمَا يُؤْخَذ من نَص فِي الْمَسْأَلَة أَو من قِيَاس على مَنْصُوص أَو مجمع عَلَيْهِ، وَلَا نَص فِي الْمَسْأَلَة وَلَا إِجْمَاع إِلَّا إِتْلَاف مَال لَا أذية بِهِ، وَإِذا أوجب الشَّرْع الضَّمَان بِإِتْلَاف مَال لَا أذية فِيهِ وَلَيْسَ فِي الْإِتْلَاف دفع لأذيته، فَلَا يكون فِي مَعْنَاهُ إِتْلَاف هُوَ دفع الأذية، فَمن أَرَادَ أَن يلغي هَذَا الْوَصْف الْمُؤثر فَعَلَيهِ الدَّلِيل، ويحقق هَذَا الْكَلَام الْمُنَاسبَة وَشَهَادَة الشَّرْع، أما الْمُنَاسبَة فواضحة إِذْ إِلْزَام الْإِنْسَان احْتِمَال الْأَذَى من مَال الْغَيْر ظلم، وَمهما قيد الدّفع بِشَرْط الضَّمَان كَانَ ظلما، وَشَهَادَة الشَّرْع دفع صيد الْحرم، وَكَذَلِكَ الْأَب إِذا صال، وَالسَّيِّد أغير على الْوَلَد وَالْعَبْد، وَكَذَلِكَ الصَّبِي وَالْمَجْنُون، وَيخرج على كلامنا أكل مَال الْغَيْر فِي المخمصة وإلقاء مَاله فِي الْبَحْر عِنْد خوف الْغَرق، فَإِن هَذَا لَيْسَ لدفع أذية المَال، وَإِنَّمَا هُوَ لحفظ النَّفس أَعنِي نفس الدَّافِع، وَإِن ادعينا أَنه لَيْسَ بِمَال عِنْد الصيال توجه، ويعارضونا بالجحش الصَّغِير وَكَونه لَيْسَ بِمَال وَيضمن، وَالْجَوَاب أَنه لَا أذية مِنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute