للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَابْتَدَأَ بِالتَّخْصِيصِ بِالْعَقْلِ.

ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ مُخَصِّصٌ، وَخَالَفَهُمْ شُذُوذٌ مِنَ النَّاسِ.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ - أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦] يُفِيدُ الْعُمُومَ بِحَسَبِ اللُّغَةِ ; لِأَنَّ الشَّيْءَ يَتَنَاوَلُ الْوَاجِبَ وَالْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ. وَالدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ وَالْمُمْتَنِعُ مَخْلُوقَيْنِ. فَيَكُونُ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ مُخَصِّصًا لِلْعُمُومِ.

الثَّانِي - قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] فَإِنَّ قَوْلَهُ: " عَلَى النَّاسِ " يُفِيدُ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى كُلِّ مَنْ هُوَ إِنْسَانٌ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَفْرَادِ الْإِنْسَانِ، لِأَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَالْعَقْلُ مَنَعَ وُجُوبَ الْحَجِّ عَلَى الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْوُجُوبِ، فَيَكُونُ الْعَقْلُ مُخَصِّصًا لِلْعُمُومِ.

ش - احْتَجَّ الشُّذُوذُ بِأَرْبَعَةِ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلُ - لَوْ كَانَ مَنْعُ الْعَقْلِ مَخْلُوقِيَّةَ الْوَاجِبِ وَالْمُمْتَنِعِ، وَتَعَلَّقَ وُجُوبُ الْحَجِّ بِالْمَجَانِينِ وَالصِّبْيَانِ تَخْصِيصًا لِلْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ لَصَحَّتْ إِرَادَةُ الْوَاجِبِ وَالْمُمْتَنِعِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: ١٦] وَإِرَادَةُ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى النَّاسِ، لُغَةً.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يُرِيدُ بِلَفْظِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَا هُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ الْعَقْلِ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ: أَنَّ التَّخْصِيصَ إِخْرَاجُ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ، وَمَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ يَصِحُّ إِرَادَتُهُ مِنْهُ.

أَجَابَ بِمَنْعِ انْتِفَاءِ التَّالِي، فَإِنَّ التَّخْصِيصَ لِلْمُفْرَدِ، وَصِحَّةُ الْإِرَادَةِ مُتَحَقِّقَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُفْرَدِ وَهُوَ " كُلِّ شَيْءٍ " فِي الْآيَةِ الْأُولَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>