. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُبَاحُ جِنْسًا لِلْوَاجِبِ لَاسْتَلْزَمَ النَّوْعُ أَعْنِي الْوَاجِبَ التَّخْيِيرَ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ. وَالتَّالِي ظَاهِرُ الْفَسَادِ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمُبَاحَ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّخْيِيرِ، وَإِذَا كَانَ الْجِنْسُ مُسْتَلْزِمًا لِشَيْءٍ يَكُونُ النَّوْعُ مُسْتَلْزِمًا لَهُ، فَيَكُونُ الْوَاجِبُ مُسْتَلْزِمًا لِلتَّخْيِيرِ.
الْقَائِلُونَ بِكَوْنِ الْمُبَاحِ جِنْسًا لِلْوَاجِبِ، قَالُوا: الْمُبَاحُ وَالْوَاجِبُ مَأْذُونٌ فِيهِمَا، وَاخْتَصَّ الْوَاجِبُ بِفَصْلِ الْمَنْعِ مِنَ التَّرْكِ. فَالْمَأْذُونُ [الَّذِي] هُوَ حَقِيقَةُ الْمُبَاحِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ جِنْسًا لَهُ.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ فَصْلَ الْمُبَاحِ ; لِأَنَّ الْمُبَاحَ لَيْسَ هُوَ الْمَأْذُونَ فَقَطْ، بَلِ الْمَأْذُونُ مَعَ عَدَمِ الْمَنْعِ مِنَ التَّرْكِ. وَالْمَأْذُونُ الْمُقَيَّدُ بِهَذَا الْقَيْدِ لَا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، بَلْ يَكُونُ مُبَايِنًا لِلْوَاجِبِ.
وَالْحُقُّ أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالْمُبَاحِ: الْمَأْذُونُ فَقَطْ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ جِنْسًا. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْمَأْذُونُ مَعَ عَدَمِ الْمَنْعِ مِنَ التَّرْكِ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكُونُ نَوْعًا مُبَايِنًا لِلْوَاجِبِ، فَلَمْ يَكُنْ جِنْسًا لَهُ.
[خِطَابُ الْوَضْعِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ [خِطَابِ] الِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْيِيرِ شَرَعَ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ. وَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ الْمُعَيَّنِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا.
وَالسَّبَبُ فِي اللُّغَةِ: كُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى غَيْرِهِ. وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَبْلُ: السَّبَبَ.
وَفِي الشَّرْعِ: هُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي دَلَّ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا مُؤَثِّرًا فِيهِ. فَإِنَّ الْأَحْكَامَ قَدِيمَةٌ، وَالْأَوْصَافَ الَّتِي جُعِلَتْ أَسْبَابًا، حَادِثَةٌ، وَالْحَادِثُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْقَدِيمِ.
وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ فِي السَّبَبِ كَوْنَهُ ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا ; لِأَنَّ الْأَسْبَابَ إِنَّمَا وُضِعَتْ مُعَرِّفَاتٍ لِلْأَحْكَامِ لِسُهُولَةِ اطِّلَاعِ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى أَحْكَامِ الْوَقَائِعِ