. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وُجُوبِ الشَّرْطِ يُنَافِيهِ، فَيَكُونُ خِلَافَ الظَّاهِرِ ; لِأَنَّ خِلَافَ الظَّاهِرِ إِثْبَاتُ مَا يَنْفِيهِ اللَّفْظُ، أَوْ رَفْعُ مَا أَثْبَتَهُ اللَّفْظُ. وَمَا لَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، لَا يَكُونُ إِثْبَاتُهُ وَنَفْيُهُ مُخَالَفَةً لِلظَّاهِرِ.
[تحريم وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْوَاجِبِ شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْحَرَامِ، وَذَكَرَهَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ. الْأُولَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُحَرَّمَ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ مِنْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ أَمْ لَا.
فَقَالَ الْأَصْحَابُ: نَعَمْ، وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا.
لَنَا أَنَّهُ لَا مَانِعَ عَقْلًا ; إِذْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِغُلَامِهِ: لَا تُكَلِّمْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، فَقَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْكَ كَلَامَ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَلَمْ أُحَرِّمْ عَلَيْكَ كَلَامَهُمَا جَمِيعًا، وَلَا كَلَامَ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ. فَلَيْسَ الْمُحَرَّمُ مَجْمُوعَ كَلَامِهِمَا، وَلَا كَلَامَ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ ; لِتَصْرِيحِهِ بِنَقِيضِهِ. فَلَمْ يَبْقَ الْمُحَرَّمُ إِلَّا كَلَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا بِعَيْنِهِ. وَطَرِيقُ الْخَصْمِ فِي الِاعْتِرَاضِ وَطَرِيقُنَا فِي الْجَوَابِ كَالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ.
[استحالة كَوْنُ الشَّيْءِ وَاجِبًا حَرَامًا]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا حَرَامًا أَمْ لَا. الْوَاحِدُ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِالنَّوْعِ أَوْ بِالشَّخْصِ. وَالْأَوَّلُ كَالسُّجُودِ مَثَلًا، فَإِنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنَ الْأَفْعَالِ، ذُو أَشْخَاصٍ كَثِيرَةٍ، يَجُوزُ أَنْ يَنْقَسِمَ إِلَى الْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ، فَيَكُونُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ وَاجِبًا، كَالسُّجُودِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبَعْضُهَا حَرَامًا، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ. وَلَا امْتِنَاعَ فِي ذَلِكَ.
وَالثَّانِي وَهُوَ الْوَاحِدُ بِالشَّخْصِ. فَإِنْ كَانَ ذَا جِهَةٍ وَاحِدَةٍ يَسْتَحِيلُ كَوْنُهُ وَاجِبًا حَرَامًا لِتَنَافِيهَا، إِلَّا عِنْدَ بَعْضِ مَنْ يُجَوِّزُ تَكْلِيفَ الْمُحَالِ، وَهُمُ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ تَكْلِيفِ الْمُحَالِ عَقْلًا وَشَرْعًا.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِامْتِنَاعِهِ شَرْعًا لَا عَقْلًا فَلَا يُجَوِّزُونَهُ، تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute