. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْأَصْلِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ أُصُولُ الْمُسْتَدِلِّ مُتَعَدِّدَةً، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الِاقْتِصَارَ ; لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ قَصَدَ إِلْحَاقَ الْفَرْعِ بِجَمِيعِ الْأُصُولِ، فَإِذَا فَرَّقَ الْمُعْتَرِضُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَأَصْلٍ مِنَ الْأُصُولِ، فَقَدْ تَمَّ مَقْصُودُ الْمُعْتَرِضِ مِنْ إِبْطَالِ غَرَضِ الْمُسْتَدِلِّ.
وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَارَضَهُ الْمُعْتَرِضُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ بَقِيَ قِيَاسُ الْمُسْتَدِلِّ صَحِيحًا فِي الْأَصْلِ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ وُجُوبِ الْمُعَارَضَةِ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ اقْتِصَارِ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فِي جَوَابِ الْمُعَارَضَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُسْتَدِلِّ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ ; لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ الْتَزَمَ صِحَّةَ الْقِيَاسِ عَلَى كُلِّ الْأُصُولِ، فَإِذَا عُورِضَ فِي الْجَمِيعِ، يَجِبُ الْجَوَابُ عَنِ الْجَمِيعِ.
[سُؤَالُ التَّرْكِيبِ]
ش - الِاعْتِرَاضُ السَّادِسَ عَشَرَ، سُؤَالُ التَّرْكِيبِ، وَهُوَ الْوَارِدُ عَلَى الْقِيَاسِ الْمُرَكَّبِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ فِي شُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِعَادَتِهِ.
[التَّعْدِيَةُ]
ش - الِاعْتِرَاضُ السَّابِعَ عَشَرَ: التَّعْدِيَةُ، وَهِيَ أَنْ يُعَارِضَ الْمُعْتَرِضُ وَصْفَ الْمُسْتَدِلِّ بِوَصْفٍ آخَرَ مُتَعَدٍّ إِلَى فَرْعٍ آخَرَ مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَيْضًا.
مِثَالُ التَّعْدِيَةِ: قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي إِجْبَارِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ: الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ بِكْرٌ، فَجَازَ إِجْبَارُهَا قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ، فَيُعَارِضُ الْمُعْتَرِضُ بِالصِّغَرِ وَيَقُولُ: الْبَكَارَةُ وَإِنْ تَعَدَّتْ إِلَى الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ، فَالصِّغَرُ يَتَعَدَّى إِلَى الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ.
وَالْمُعْتَرِضُ يَرْجِعُ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ إِلَى الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ، فَجَوَابُهَا جَوَابُ الْمُعَارَضَةِ، وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ التَّسْوِيَةِ فِي التَّعْدِيَةِ.
[مَنْعُ وَجُود الوصفِ فِي الْفَرْعِ]
ش - الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنَ عَشَرَ: مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ الَّذِي جَعَلَهُ الْمُسْتَدِلُّ عِلَّةً فِي الْفَرْعِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي أَمَانِ الْعَبْدِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ: أَمَانٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، فَيَصِحُّ، قِيَاسًا عَلَى أَمَانِ الْمَأْذُونِ. فَيَمْنَعُ الْمُعْتَرِضُ الْأَهْلِيَّةَ فِي الْفَرْعِ، أَعْنِي فِي الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ.
وَجَوَابُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِبَيَانِ وُجُودِ مَا عَنَاهُ الْمُسْتَدِلُّ بِالْأَهْلِيَّةِ فِي الْفَرْعِ، كَجَوَابِ مَنْعِ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمُدَّعَى عِلَّةً فِي الْأَصْلِ. فَإِنَّهُ أَيْضًا بِبَيَانِ وُجُودِ الْوَصْفِ فِي الْأَصْلِ.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَنْعِ السَّائِلِ، أَيِ الْمُعْتَرِضِ مِنْ تَقْدِيرِ نَفْيِ الْوَصْفِ عَنِ الْفَرْعِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّ السَّائِلَ يُمْنَعُ مِنْ تَقْرِيرِهِ ; لِأَنَّ الْمُعْتَرِضَ مَانِعٌ، وَتَقْرِيرُ النَّفْيِ يُوهِمُ الْإِثْبَاتَ، وَالْمَانِعُ يَمْنَعُ مِنَ الْإِثْبَاتِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَدِلِّ، فَإِنَّهُ مُدَّعٍ لِوُجُودِ الْوَصْفِ فِي الْفَرْعِ، فَعَلَيْهِ إِثْبَاتُهُ لِئَلَّا يَنْتَشِرَ الْكَلَامُ.
[الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ]
ش - الِاعْتِرَاضُ التَّاسِعَ عَشَرَ: الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِدَلِيلٍ يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ الْمُدَّعَى عَلَى وَجْهٍ، يَكُونُ مُسْتَنِدًا إِلَى طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ، وَالْمُخْتَارُ: قَبُولُهُ; لِأَنَّ فَائِدَةَ الْمُنَاظَرَةِ رَدُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُسْتَدِلُّ. فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ، لَاخْتَلَّ فَائِدَةُ الْمُنَاظَرَةِ.