. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
حَالَةَ النَّوْمِ عَلَى النَّائِمِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً، لَكَانَ مُطَّرِدًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِامْتِنَاعِ إِطْلَاقِ " الْكَافِرِ " عَلَى الْمُسْلِمِ لِكُفْرٍ تَقَدَّمَ. وَعَدَمُ الِاطِّرَادِ عَلَامَةُ الْمَجَازِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: عَدَمُ الِاطِّرَادِ هَهُنَا لِأَجْلِ الْمَنْعِ مِنَ الشَّرْعِ لِتَعْظِيمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ عَدَمَ الِاطِّرَادِ مَعَ الْمَنْعِ لَا يَكُونُ عَلَامَةَ الْمَجَازِ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ لَنَا فِي الِاشْتِرَاطِ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ بَقَاءُ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ شَرْطًا فِي صِدْقِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً لَمَا كَانَ مِثْلُ " الْمُتَكَلِّمِ " أَيِ الْمُشْتَقَّاتِ الَّتِي تَكُونُ مَصَادِرُهَا سَيَّالَةً حَقِيقَةً أَصْلًا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمَصَادِرَ السَّيَّالَةَ يَمْتَنِعُ وُجُودُ مَعَانِيهَا فِي الْوَاقِعِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ أَجْزَاءَ مَعَانِيهَا لَا تَجْتَمِعُ فِي الْوُجُودِ مَعًا ; لِأَنَّ الْجُزْءَ اللَّاحِقَ لَا يُوجَدُ إِلَّا بَعْدَ انْعِدَامِ السَّابِقِ. وَإِذَا امْتَنَعَ اجْتِمَاعُ الشَّيْءِ فِي الْوَاقِعِ، امْتَنَعَ وُجُودُهُ فِيهِ. فَلَوْ كَانَ بَقَاءُ الْمَعْنَى شَرْطًا فِي صِدْقِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً، امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ الْمُشْتَقَّاتُ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَصَادِرِ حَقِيقَةً ; لِامْتِنَاعِ وُجُودِ [مَعْنَى] الْمُشْتَقِّ مِنْهُ.
ش - أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَقَاءَ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ شَرْطٌ إِذَا أَمْكَنَ وُجُودُ الْمَعْنَى بِتَمَامِهِ فِي الْوَاقِعِ. وَبَقَاءُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْهُ شَرْطٌ إِذَا تَعَذَّرَ اجْتِمَاعُ أَجْزَاءِ الْمَعْنَى فِي الْوَاقِعِ.
وَاللُّغَةُ لَمْ تُبْنَ عَلَى الْمُضَايَقَةِ وَالْمُشَاحَّةِ حَتَّى لَا يُكْتَفَى بِبَقَاءِ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ فِي مِثْلِ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ مِنَ الْمَصَادِرِ السَّيَّالَةِ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْحَالِ حَقِيقَةً عَلَى زَمَانِ الْفِعْلِ الْحَاضِرِ مَعَ أَنَّ أَجْزَاءَ زَمَانِ الْفِعْلِ الْحَاضِرِ، لَا تَكُونُ بَاقِيَةً عِنْدَ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْحَالِ ; لِأَنَّ الزَّمَانَ غَيْرُ قَارِّ الذَّاتِ، أَيْ لَا تَجْتَمِعُ أَجْزَاؤُهُ مَعًا فِي الْوُجُودِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ بَقَاءُ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ كَذَلِكَ، أَيْ شَرْطٌ بِتَمَامِهِ حِينَئِذٍ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْبَقَاءُ شَرْطًا أَصْلًا، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَقَاءُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ فِي الْجَمِيعِ شَرْطًا.
[اشتقاق اسْم الْفَاعِلِ لِشَيْءٍ وَالْفِعْلُ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَقُّ اسْمُ الْفَاعِلِ لِشَيْءٍ، أَيْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ، وَالْفِعْلُ، أَيْ مَعْنَى الْمَصْدَرِ قَائِمٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ. فَقَالَ الْأَصْحَابُ: لَا. وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: نَعَمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ قَائِمٍ بِالْجِسْمِ، لَا بِذَاتِهِ تَعَالَى، وَإِلَّا لَكَانَ قَابِلًا وَفَاعِلًا، وَلَكَانَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَهُمْ حَادِثٌ. وَكِلَاهُمَا مُحَالَانِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فَسَادَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ مُبِيَّنٌ فِي أُصُولِ الدِّينِ. حُجَّةُ أَصْحَابِنَا: الِاسْتِقْرَاءُ. وَبَيَانُهُ أَنَّا اسْتَقْرَأْنَا مَوَاقِعَ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَقَّاتِ، فَلَمْ تَعْثُرْ عَلَى مَوْضِعٍ اشْتُقَّ لَهُ اسْمٌ وَلَمْ يَكُنْ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ قَائِمًا بِهِ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ لِلْمُعْتَزِلَةِ. وَتَوْجِيهُهُ أَنَّهُ قَدِ اشْتُقَّ قَاتِلٌ وَضَارِبٌ لِذَاتِ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ، - لِكَوْنِهِمَا أَثَرَيْنِ - قَائِمَيْنِ بِغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الْمَقْتُولُ ; ضَرُورَةَ حُصُولِ الْأَثَرِ فِيهِ.
ش - أَجَابَ عَنْهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَتْلَ هُوَ: الْأَثَرُ، بَلِ الْقَتْلُ: التَّأْثِيرُ، وَالتَّأْثِيرُ لِلْفَاعِلِ، وَلَا يَكُونُ قَائِمًا بِالْمَقْتُولِ