للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

أَوْ كَانَ مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ، وَمَثَّلَ لِذَلِكَ: " «فِي الْأَنْعَامِ زَكَاةٌ» "، " «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» "؛ فَإِنَّهُ يُخَصِّصُ الْعُمُومَ بِإِخْرَاجِ الْغَنَمِ الْمَعْلُوفَةِ نَظَرًا إِلَى مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ.

وَإِنَّمَا خَصَّصَ الْعَامَّ بِالْمَفْهُومِ إِنْ قِيلَ بِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: الْعَامُّ أَقْوَى لِكَوْنِ دَلَالَتِهِ بِحَسَبِ الْمَنْطُوقِ فَيَكُونُ رَاجِحًا. وَالْمَرْجُوحُ لَا يُعَارِضُ الرَّاجِحَ فَلَا يُخَصِّصُهُ.

أُجِيبُ بِأَنَّ الْعَامَّ وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا مِنْ حَيْثُ الْمَنْطُوقُ إِلَّا أَنَّهُ مَرْجُوحٌ لِعُمُومِ دَلَالَتِهِ وَخُصُوصِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ - وَلَوْ بِوَجْهٍ - أَوْلَى.

[مَسْأَلَةٌ: فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم يُخَصِّصُ الْعُمُومَ]

ش - إِذْ فَعَلَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِعْلًا مُخَالِفًا لِعَامٍّ - كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُخَصِّصًا لِذَلِكَ الْعَامِّ فِي حَقِّ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا إِذَا قَالَ: الْوِصَالُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَوِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، أَوْ كَشْفُ الْعَوْرَةِ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، ثُمَّ وَصَلَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَوْمَ يَوْمٍ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَكَشَفَ الْعَوْرَةَ.

فَإِنْ ثَبَتَ وُجُوبُ اتِّبَاعِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: اتَّبِعُونِي فِي الْوِصَالِ أَوْ فِي الِاسْتِقْبَالِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ فِي كَشْفِ الْعَوْرَةِ، يَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ الْخَاصُّ نَاسِخًا لِلْعَامِّ الْمُتَقَدِّمِ لِتَأَخُّرِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُمْكِنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُخَصِّصًا لِلْعَامِّ السَّابِقِ، لَا نَاسِخًا لَهُ، لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>