. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا. أَيْ رَسُولًا بَعْدَ رَسُولٍ بِفَتْرَةٍ بَيْنَهُمَا. وَفِي الِاصْطِلَاحِ: الْمُتَوَاتِرُ خَبَرُ جَمَاعَةٍ مُفِيدٌ بِنَفْسِهِ الْعِلْمَ بِصِدْقِهِ.
فَالْخَبَرُ كَالْجِنْسِ يَشْمَلُ الْمُتَوَاتِرَ وَغَيْرَهُ. وَبِإِضَافَتِهِ إِلَى الْجَمَاعَةِ، يَخْرُجُ عَنْهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ: مُفِيدٌ الْعِلْمَ، يُخْرِجُ خَبَرَ جَمَاعَةٍ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ، بَلِ الظَّنَّ. وَإِنَّمَا قَالَ: " بِنَفْسِهِ " لِيُخْرِجَ الْخَبَرَ الَّذِي عُلِمَ صِدْقُ الْمُخْبِرِينَ فِيهِ بِسَبَبِ الْقَرَائِنِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْمُتَوَاتِرِ عَادَةً، وَغَيْرَهَا.
وَمَا لَا يَنْفَكُّ عَنِ الْمُتَوَاتِرِ، الشَّرَائِطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمُتَوَاتِرِ، كَمَا سَيُذْكَرُ.
وَالْقَرَائِنُ الزَّائِدَةُ الْمُفِيدَةُ لِلْعَلَمِ قَدْ تَكُونُ عَادِيَّةً، كَالْقَرَائِنِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى مَنْ يُخْبِرُ عَنْ مَوْتِ وَالِدِهِ، مِنْ شَقِّ الْجُيُوبِ وَالتَّفَجُّعِ. وَقَدْ تَكُونُ عَقْلِيَّةً، كَخَبَرِ جَمَاعَةٍ تَقْتَضِي الْبَدِيهَةُ أَوِ الِاسْتِدْلَالُ صِدْقَهُ. وَقَدْ تَكُونُ حِسِّيَّةً، كَالْقَرَائِنِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى مَنْ يُخْبِرُ عَنْ عَطَشِهِ.
[[إفادة المتواتر العلم]]
ش - أَكْثَرُ الْعُقَلَاءِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُتَوَاتِرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ. وَخَالَفَتِ السَّمْنِيَّةُ - وَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْهِنْدِ - فِي إِفَادَةِ الْمُتَوَاتِرِ الْعِلْمَ.
وَهُوَ بُهْتٌ، أَيْ بَاطِلٌ. فَإِنَّ الْمُتَوَاتِرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ، سَوَاءٌ كَانَ إِخْبَارًا عَنْ أُمُورٍ مَوْجُودَةٍ فِي زَمَانِنَا، أَوْ أُمُورٍ مَاضِيَةٍ ; لِأَنَّا نَجِدُ بِالضَّرُورَةِ الْعِلْمَ بِالْبِلَادِ النَّائِيَةِ، كَمَكَّةَ وَبَغْدَادَ وَمِصْرَ، وَالْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْخُلَفَاءِ. وَمَا ذَلِكَ الْعِلْمُ إِلَّا مِنَ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute