. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
فَهُوَ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ.
حُجَّةُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي تَفَاصِيلِ الصَّلَاةِ، أَيْ أَرْكَانِهَا وَشَرَائِطِهَا ; لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَاتِرَةً عَلَى الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تَتَوَاتَرْ بِخُصُوصِيَّاتِهَا وَتَفَاصِيلِهَا. وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ، وَهِيَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى.
وَأَيْضًا أَجْمَعُوا عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْفَصْدِ وَالْحِجَامَةِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُمَا مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى.
وَأَيْضًا جَازَ قَبُولُ الْقِيَاسِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَالْقِيَاسُ أَضْعَفُ مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَلِذَلِكَ يُقَدَّمُ خَبَرُ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ بَعْضٍ.
وَإِذَا كَانَ الضَّعِيفُ مَقْبُولًا فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، فَالْقَوِيُّ أَوْلَى بِأَنْ يُقْبَلَ.
احْتَجَّ الْخَصْمُ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِتَوَاتُرِ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَلِذَلِكَ تَوَاتَرَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ، فَإِذَا لَمْ يَتَوَاتَرْ دَلَّ عَلَى عَدَمِ صِدْقِهِ.
أَجَابَ بِأَنَّا نَمْنَعُ التَّوَاتُرَ، أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِتَوَاتُرِ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْتَفَى فِي ثُبُوتِهِ بِمَا يُفِيدُ الظَّنَّ.
وَتَوَاتُرُ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إِنَّمَا وَقَعَ بِطَرِيقِ الِاتِّفَاقِ. أَوْ لِأَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كُلِّفَ بِإِشَاعَتِهَا، لَا لِأَنَّ عُمُومَ الْبَلْوَى اقْتَضَى تَوَاتُرَهَا.
[خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي الْحَدِّ]
ش - خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ، كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ، مَقْبُولٌ، خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَالْبَصْرِيِّ.
لَنَا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى حُجِّيَّتِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِبَعْضِ الصُّوَرِ دُونَ بَعْضٍ.
احْتَجَّ الْخَصْمُ بِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ، وَالظَّنُّ يَبْقَى مَعَهُ احْتِمَالُ النَّقِيضِ، وَاحْتِمَالُ النَّقِيضِ شُبْهَةٌ، وَيَنْدَفِعُ الْحَدُّ بِالشُّبْهَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» ". وَإِذَا كَانَ مُنْدَفِعًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، لَا يَكُونُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُوجِبًا لَهُ.