. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - الْمَانِعُونَ قَالُوا أَيْضًا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، خِطَابُ مُشَافَهَةٍ، فَلَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا أَهْلَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ.
فَوَجَبَ أَنْ يَكُونُوا آمِرِينَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ؛ لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ. وَكُلُّ مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، بَلْ مُنْكَرًا. فَالدَّلِيلُ الْآخَرُ أَوِ التَّأْوِيلُ الْآخَرُ لَمْ يَأْمُرُوا بِهِ فَيَكُونُ مُنْكَرًا، وَالْمُنْكَرُ لَا يَجُوزُ إِحْدَاثُهُ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ: وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي نَهْيَهُمْ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ ; لِأَنَّ اللَّامَ لِلِاسْتِغْرَاقِ. فَلَوْ كَانَ الدَّلِيلُ الْآخَرُ أَوِ التَّأْوِيلُ الْآخَرُ مُنْكَرًا لَنُهُوا عَنْهُ.
[اتِّفَاقُ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: إِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ وَاسْتَقَرَّ الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ صَارَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ مَذْهَبًا لِبَعْضٍ وَالْآخَرُ مَذْهَبًا لِلْبَاقِينَ، هَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَّفِقَ أَهْلُ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ لَا؟ قَالَ الْأَشْعَرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ: يَمْتَنِعُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُعْتَزِلَةُ: يَجُوزُ.
ثُمَّ الْمُجَوِّزُونَ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَقَالَ الْآخَرُونَ إِنَّهُ حُجَّةٌ. ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْحَقُّ أَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِعِيدٌ، إِلَّا فِي الْمُخَالِفِ الْقَلِيلِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ اتِّفَاقَ أَهْلِ الْعَصْرِ الثَّانِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ قَاطِعٍ، أَوْ جَلِيٍّ. وَالْعَادَةُ تَمْنَعُ عَدَمَ اطِّلَاعِ الْأَكْثَرِ عَلَى الْقَاطِعِ أَوِ الْجَلِيِّ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُخَالِفُ قَلِيلًا، فَلَا تَمْنَعُ الْعَادَةُ اطِّلَاعَ الْقَلِيلِ عَلَى الْقَاطِعِ أَوِ الْجَلِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute