للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَقِيلَ: الْأَصْلُ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَحُرْمَةُ الْخَمْرِ هِيَ الْأَصْلُ.

وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُولِ.

وَالْفَرْعُ: الْمَحَلُّ الْمُشَبَّهُ، وَهُوَ النَّبِيذُ فِي مِثَالِنَا.

وَقِيلَ: الْفَرْعُ حُكْمُ الْمَحَلِّ الْمُشَبَّهِ.

وَالْأَصْلُ: مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَلَا يُعَدُّ فِي الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ يَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا.

وَلِأَجْلِ أَنَّ الْأَصْلَ مَا يُبْتَنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ، كَانَ الْجَامِعُ فَرْعًا لِلْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى الْأَصْلِ ; لِأَنَّهُ عُرِفَ بِهِ، وَيَكُونُ أَصْلًا لِلْفَرْعِ ; لِأَنَّ الْفَرْعَ يُبْتَنَى عَلَيْهِ.

[[شروط حكم الأصل]]

ش - ابْتَدَأَ بِشُرُوطِ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَهِيَ سَبْعَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ شَرْعِيًّا ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ هُوَ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِي الْفَرْعِ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْأَصْلِ شَرْعِيًّا، لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ الْمُتَعَدِّي إِلَى الْفَرْعِ شَرْعِيًّا، فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ.

ش - الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَنْسُوخًا ; لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَعَدَّى مِنَ الْأَصْلِ إِلَى الْفَرْعِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْجَامِعِ. فَإِذَا كَانَ حُكْمُ الْأَصْلِ مَنْسُوخًا، زَالَ اعْتِبَارُ الْجَامِعِ، فَلَمْ يَتَعَدَّ الْحُكْمُ إِلَى الْفَرْعِ.

ش - الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ فَرْعًا عَلَى حُكْمٍ آخَرَ، خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيِّ.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ إِنِ اتَّحَدَتِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ - مَعَ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَصِلِهِ، فَذِكْرُ الْوَسَطِ ضَائِعٌ، لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُقَاسُ الْفَرْعُ الْأَخِيرُ عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ.

مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ: السَّفَرْجَلُ مَطْعُومٌ، فَيَكُونُ رِبَوِيًّا كَالتُّفَّاحِ، ثُمَّ يَقِيسُ التُّفَّاحَ عَلَى الْبُرِّ ; لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ. فَإِنَّ ذِكْرَ التُّفَّاحِ الَّذِي هُوَ الْوَسَطُ ضَائِعٌ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقِيسَ السَّفَرْجَلَ عَلَى الْبُرِّ ابْتِدَاءً.

وَإِنْ لَمْ تَتَّحِدِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ - مَعَ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَصْلِهِ، فَسَدَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ الْأُولَى - أَيِ الْعِلَّةَ الْجَامِعَةَ بَيْنَ الْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ - لَمْ يَثْبُتِ اعْتِبَارُهَا ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ فِي أَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ فِيهِ.

وَالثَّانِيَةُ - أَيِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ بَيْنَ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَصْلِهِ - لَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ.

مِثَالُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: الْجُذَامُ عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>