للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَأَمَّا إِذَا جَازَ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ - كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا - لَا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ ; لِتَمَكُّنِ الْمُكَلَّفِ مِنَ الِامْتِثَالِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ حِينَئِذٍ.

السَّابِعُ - أَنْ يُقَالَ: فِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَسَبَبٌ لِلْمَغْفِرَةِ. فَوَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى الْفَوْرِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] . وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: ١٤٨] فَإِنَّهُ أَمْرٌ بِالْمُسَارَعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ.

أَجَابَ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمُسَابَقَةِ وَالْمُسَارَعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْمُسَارَعَةَ وَالْمُسَابَقَةَ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنَ التَّأْخِيرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ عَلَى وُجُوبِ الْمُسَارَعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ، لَتَضَيَّقَ وَقْتُهُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَرْكِهِ، فَلَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُسَارِعًا عِنْدَ إِتْيَانِهِ فِي وَقْتِهِ، لِأَنَّ الْمُسَارِعَ هُوَ مُبَاشِرُ الْفِعْلِ فِي وَقْتٍ مَعَ جَوَازِ الْإِتْيَانِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ.

ش - دَلِيلُ الْقَاضِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ مِنْ وُجُوبِ الْعَزْمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوِ الْإِتْيَانِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ.

وَتَقْرِيرُهُ مَعَ الْجَوَابِ (يُعْلَمُ) مِنْ ثَمَّةَ، فَلَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِعَادَتِهِ.

ش - قَالَ الْإِمَامُ: طَلَبُ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ مُتَحَقِّقٌ مِنَ الْأَمْرِ، وَالْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالتَّأْخِيرِ مَشْكُوكٌ فِيهِ. فَوَجَبَ تَرْكُ الْمَشْكُوكِ فَتَعَيَّنَ الْبِدَارُ.

أَجَابَ أَنَّ طَلَبَ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ التَّأْخِيرِ وَالْبِدَارِ، وَكَمَا يَحْتَمِلُ التَّأْخِيرَ يَحْتَمِلُ الْبِدَارَ، وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَكَمَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالْبِدَارِ، يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالتَّأْخِيرِ، فَلَا يَكُونُ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهِ بِالتَّأْخِيرِ مَشْكُوكًا.

[مَسْأَلَة: الْأَمْرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ هل نَهْي عَنْ ضِدِّهِ]

ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ هَلْ هُوَ بِعَيْنِهِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ أَمْ لَا؟ اخْتِيَارُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَّالِيِّ أَنَّ الْأَمْرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ وَلَا يَقْتَضِيهِ عَقْلًا، أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُهُ، وَالْمُرَادُ بِالضِّدِّ مَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْمَأْمُورِ بِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَوْلِهِ " مُعَيَّنٍ ".

قِيلَ: فَائِدَتُهُ الِاحْتِرَازُ عَنِ الْأَمْرِ بِالضِّدَّيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ، فَإِنَّهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ لَيْسَ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ.

وَقِيلَ: فَائِدَتُهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ مِثْلِ قَوْلِ الْقَائِلِ: " افْعَلْ شَيْئًا " فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ لَا ضِدَّ لَهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ ضِدٌّ لَا يَكُونُ الْأَمْرُ بِمِثْلِهِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>