. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيفَيْنِ، أَعْنِي الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ يُشْكِلُ بِمِثْلِ الْجَلَبِ وَالْجَلْبِ. اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ التَّغْيِيرُ بِحَسَبِ الْمَعْنَى وَاللَّفْظِ جَمِيعًا، فَحِينَئِذٍ يَسْلَمُ التَّعْرِيفُ الثَّانِي عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ.
لَكِنَّهُ يُشْكِلُ بِمِثْلِ فُلْكٍ جَمْعًا وَمُفْرَدًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَغْيِيرٌ بِحَسْبِ اللَّفْظِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِالتَّغْيِيرِ اللَّفْظِيِّ، أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ تَحْقِيقًا أَوِ اعْتِبَارًا.
وَالْمُشْتَقُّ قَدْ يَطَّرِدُ إِطْلَاقُهُ عَلَى جَمِيعِ مَدْلُولَاتِهِ، كَاسْمِ الْفَاعِلِ، وَالصِّفَةِ، وَاسْمِ الْمَفْعُولِ. فَإِنَّ الضَّارِبَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الضَّرْبُ. وَكَذَلِكَ الْحَسَنُ وَالْمَضْرُوبُ.
وَقَدْ لَا يَطَّرِدُ، كَالْقَارُورَةِ وَالدَّبَرَانِ، فَإِنَّ الْقَارُورَةَ لَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يَكُونُ مَقَرًّا لِلْمَائِعَاتِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَيْهِ، بَلْ يَخْتَصُّ بِالزُّجَاجَةِ الْمَخْصُوصَةِ. وَكَذَلِكَ الدَّبَرَانُ، فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِالدُّبُورِ، بَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْمُوعِ خَمْسَةِ كَوَاكِبَ مِنَ الثَّوْرِ. يُقَالُ: إِنَّهُ سَنَامُهُ، وَهُوَ الْمَنْزِلُ الرَّابِعُ مِنْ مَنَازِلِ الْقَمَرِ الْمُعَاقِبِ لِلثُّرَيَّا.
[اشْتِرَاطُ بَقَاءِ الْمَعْنَى فِي كَوْنِ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةً]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي أَنَّ صِدْقَ الْمُشْتَقِّ حَقِيقَةٌ هَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِبَقَاءِ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ أَمْ لَا؟
فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: الْأَوَّلُ: اشْتِرَاطُهُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي: عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ. وَثَالِثُهَا، أَيْ ثَالِثُ الْمَذَاهِبِ: أَنَّ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مُمْكِنًا بَقَاؤُهُ، كَالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ، اشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا. كَالْمَصَادِرِ السَّيَّالَةِ نَحْوَ التَّكَلُّمِ وَالتَّحَرُّكِ.
وَلَمَّا نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ الثَّالِثِ بِالْفَرْقِ، عُلِمَ أَنَّ أَحَدَ الْأَوَّلَيْنِ: الِاشْتِرَاطُ مُطْلَقًا، وَالْآخَرَ: عَدَمُهُ مُطْلَقًا.
ش - أَيْ قَالَ: الْمُشْتَرَطُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَقُّ عِنْدَ انْقِضَاءِ مَعْنَى الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، لَمَّا صَحَّ نَفْيُ الْمُشْتَقِّ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ، فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا الْمُلَازَمَةُ فَلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا يَصِحُّ سَلْبُهَا، لِمَا مَرَّ. وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي، فَلِأَنَّ عِنْدَ انْقِضَاءِ الضَّرْبِ، مَثَلًا، يَصْدُقُ: لَيْسَ بِضَارِبٍ فِي الْحَالِ بِالضَّرُورَةِ. وَإِذَا صَحَّ السَّلْبُ فِي الْحَالِ، صَحَّ السَّلْبُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ الْمُطْلَقَ جُزْءُ الْمُقَيَّدِ.