. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
ش - وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْحُكْمَانِ وَكَانَ مُوجِبُهُمَا مُخْتَلِفًا، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: ٣] .
وَقَوْلِهِ فِي الْقَتْلِ الْخَطَأِ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] . فَقَدِ اخْتَلَفُوا.
فَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَرَادَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا جَامِعٌ مُوجِبٌ لِلْإِلْحَاقِ حَتَّى يَكُونَ التَّقْيِيدُ بِدَلِيلٍ، فَيَكُونُ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، كَتَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَحَلِّ التَّخْصِيصِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ أَنَّهُ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ وُجِدَ جَامِعٌ بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ يُوجَدْ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ، لَا تَعَدُّدَ فِيهِ.
وَهَذَا الْأَخِيرُ مَرْدُودٌ، شَذَّ نَقْلُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيِّدِ أَصْلًا، لِأَنَّ الْحَمْلَ يُوجِبُ رَفْعَ الْإِطْلَاقِ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ نَسْخٌ، وَالْقِيَاسُ لَا يُنْسَخُ.
أُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ بِأَنَّهُ نَسْخٌ، بَلْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ بِبَعْضِ الْمُسَمَّيَاتِ فَيَكُونُ بَيَانًا لَهُ، لَا نَسْخًا.
[الْمُجْمَلُ]
[[حد المجمل]]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمُجْمَلِ وَالْمُبَيَّنِ، وَالْكَلَامِ فِي حَدِّهِ وَأَقْسَامِهِ وَأَحْكَامِهِ.
الْمُجْمَلُ لُغَةً هُوَ: الْمَجْمُوعُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَجْمَلَ الْحِسَابَ، إِذَا جَمَعَهُ وَرَفَعَ تَفَاصِيلَهُ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " مَا " وَلَمْ يَقُلْ لَفْظٌ، لِيَتَنَاوَلَ الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ ; لِأَنَّ الْإِجْمَالَ كَمَا يَكُونُ فِي اللَّفْظِ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْفِعْلِ.
وَالدَّلَالَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَفْظِيَّةً أَوْ غَيْرَ لَفْظِيَّةٍ.
وَدَلَالَةُ الْفِعْلِ عَقْلِيَّةٌ.
وَقَوْلُهُ: " وَلَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ ". احْتِرَازٌ عَنِ الْمُهْمَلِ؛ فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهُ أَصْلًا.
وَعَنِ الْمُبَيَّنِ ; لِأَنَّ دَلَالَتَهُ مُتَّضِحَةٌ.