. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُسْقِطِينَ، لَمْ يَلْزَمْ بُطْلَانُ دَلِيلِنَا، وَلَا الْعَمَلُ بِالْآيَةِ. فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ.
[[الواجب المخير]]
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ. اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَمْرَ بِوَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ، كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ، هَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ أَمْ لَا. فَقَالَ الْأَصْحَابُ: نَعَمْ. وَقَالَ الْمُعْتَزِلَةُ: لَا مَعْنَى لِلْإِيجَابِ مَعَ التَّخْيِيرِ ; فَإِنَّهُمَا مُتَنَاقِضَانِ.
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْجَمِيعَ وَاجِبٌ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُكَلَّفُ مِنْهَا وَاجِبٌ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، لَكِنْ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الْأُمُورِ الْمُتَعَدِّدَةِ.
ش - لَمَّا فَرَغَ عَنْ تَقْرِيرِ الْمَذَاهِبِ شَرَعَ فِي الِاحْتِجَاجِ، فَبَدَأَ بِإِثْبَاتِ مَا هُوَ الْحَقُّ عِنْدَهُ. وَهُوَ أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مِنْ جُمْلَتِهَا لَا بِعَيْنِهِ.
لَنَا أَنْ نَقْطَعَ بِجَوَازِ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِوَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ جُمْلَةِ الْأُمُورِ الْمُتَعَدِّدَةِ عَقْلًا، وَالنَّصُّ دَلَّ عَلَى جَوَازِهِ سَمْعًا.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ السَّيِّدَ إِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: أَمَرْتُكَ أَنْ تَخِيطَ هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ تَبْنِيَ هَذَا الْحَائِطَ فِي هَذَا الْيَوْمِ، أَيْهُمَا فَعَلْتَ اكْتَفَيْتُ بِهِ.
وَإِنْ تَرَكْتَ الْجَمِيعَ عَاقَبْتُكَ، وَلَسْتُ آمِرًا أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، بَلْ أَمَرْتُكَ أَنْ تَفْعَلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ. فَهَذَا الْكَلَامُ مَعْقُولٌ.
وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلْعِقَابِ بِتَرْكِ الْجَمِيعِ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْجَمِيعُ مَأْمُورٌ بِهِ ; فَإِنَّهُ صَرَّحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute