للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

ش - تَقْرِيرُ الْجَوَابُ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الْمَذْكُورَةَ كَمَا دَارَتْ مَعَ مَا ذَكَرْتُمْ مِنَ الْمَعَانِي الْمَذْكُورَةِ، كَذَلِكَ دَارَتْ مَعَ مَا يَكُونُ مُخْتَصًّا بِالصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ وُجُودًا وَعَدَمًا.

فَإِنَّ لَفْظَ الْخَمْرِ دَارَ مَعَ تَخْمِيرِ مَاءِ الْعِنَبِ، وَلَفْظَ السَّارِقِ مَعَ أَخْذِ مَالِ الْحَيِّ خُفْيَةً، وَلَفْظَ الزَّانِي مَعَ كَوْنِ الْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ قُبُلًا.

وَدَوَرَانُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ مَعَ هَذِهِ الْمَعَانِي ظَاهِرٌ. وَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْمَعَانِي الَّذِي ذَكَرْتُمْ عِلَّةً لِلتَّسْمِيَةِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ هَذِهِ الْمَعَانِي أَيْضًا عِلَّةً. فَإِثْبَاتُ التَّسْمِيَةِ بِالْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْتُمْ إِثْبَاتٌ بِالْمُحْتَمَلِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ لِلْمُثْبِتِينَ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: ثَبَتَ الْقِيَاسُ الشَّرْعِيُّ، وَمَعْنَى الْقِيَاسِ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَاحِدٌ ; لِأَنَّهُ إِثْبَاتُ مِثْلِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى لِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا، كَمَا فِي الشَّرْعِ. وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا وَثَبَتَ [ثَمَّةَ] ، وَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ هَهُنَا ; إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.

ش - تَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ شَرْعِيًّا أَوْ لُغَوِيًّا - إِنَّمَا يَثْبُتُ إِذَا كَانَ لَهُ مُصَحِّحٌ، وَقَدْ وُجِدَ فِي الشَّرْعِ مَا هُوَ مُصَحِّحٌ لَهُ، وَهُوَ الْإِجْمَاعُ، وَلَمْ يُوجَدِ الْإِجْمَاعُ فِي الْقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ، فَلِهَذَا ثَبَتَ ثَمَّةَ وَلَمْ يَثْبُتْ هُنَا.

ش - هَذَا جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ، هُوَ أَنَّ اللُّغَةَ إِذَا لَمْ تَثْبُتْ بِالْقِيَاسِ فَكَيْفَ صَحَّ إِثْبَاتُ قَطْعِ النَّبَّاشِ وَحَدِّ شَارِبِ النَّبِيذِ؟ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي السَّارِقِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ. وَقَدْ أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَطْعَ النَّبَّاشِ وَحَدَّ شَارِبِ النَّبِيذِ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: إِيجَابُ قَطْعِ النَّبَّاشِ وَحَدِّ الشَّارِبِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِثُبُوتِ تَعْمِيمِ اسْمِ الْخَمْرِ وَالسَّارِقِ لِلنَّبِيذِ، وَالنَّبَّاشِ بِالنَّقْلِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ، بِأَنْ يُقَاسَ النَّبِيذُ عَلَى الْخَمْرِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ مُخَمِّرَةٌ عَلَى الْعَقْلِ. وَالنَّبَّاشُ عَلَى السَّارِقِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْمَفْسَدَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ خُفْيَةً، لَا لِأَنَّهُ سَارِقٌ أَوْ خَمْرٌ بِالْقِيَاسِ اللُّغَوِيِّ.

[الْحُرُوفُ]

[[تعريف الحرف]]

ش - اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِ النُّحَاةِ: إِنَّ الْحَرْفَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالْمَفْهُومِيَّةِ: أَنَّ نَحْوَ " مِنْ " وَ " إِلَى " شَرْطُ الْوَاضِعِ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى مَعْنَاهَا الْإِفْرَادِيِّ ذِكْرُ مُتَعَلِّقِهَا، عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْوَاضِعَ نَصَّ عَلَى أَنَّ " مِنْ " وَ " إِلَى " إِذَا ذُكِرَ مُتَعَلِّقُهُمَا مَعًا، كَانَ مَعْنَاهُمَا: الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ. وَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ مَعَهُمَا مَا هُوَ مُتَعَلِّقُهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَعْنًى أَصْلًا، لَا الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ وَلَا غَيْرُهُمَا.

وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: " الْإِفْرَادِيِّ " عَنِ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ ; فَإِنَّ [كُلَّ وَاحِدٍ] مِنْهُمَا فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعَانِي التَّرْكِيبِيَّةِ، أَعْنِي الْمَعَانِي الَّتِي تَكُونُ لَهُ حَالَةَ التَّرْكِيبِ، مَشْرُوطَةٌ بِذِكْرِ مُتَعَلِّقِهِ. فَإِنَّ كَوْنَ الِاسْمِ فَاعِلًا، إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ، وَكَوْنُ الْفِعْلِ خَبَرًا إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمُبْتَدَأِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>