. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: يَتَعَيَّنُ الْخُرُوجُ لِكَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا لِلْأَمْرِ، وَلَا يَكُونُ النَّهْيُ مُتَعَلِّقًا بِهِ، وَلَكِنْ يَسْتَصْحِبُ حُكْمَ الْمَعْصِيَةِ مَعَ الْخُرُوجِ ; إِذِ الْمُوجِبُ لِلْمَعْصِيَةِ هُوَ الْغَضَبُ، وَهُوَ بَاقٍ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ.
وَاسْتَبْعَدَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الْإِمَامِ; لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِفِعْلٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّقِ النَّهْيُ بِالْخُرُوجِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مَعْصِيَةً.
قَوْلُهُ: " وَقَوْلُ الْإِمَامِ " مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: " بَعِيدٌ " خَبَرُهُ.
وَقَوْلُهُ: " وَلَا جِهَتَيْنِ لِتَعَذُّرِ الِامْتِثَالِ " إِشَارَةٌ إِلَى دَخَلٍ مُقَدَّرٍ. تَقْرِيرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعًا بِالْخُرُوجِ مِنْ جِهَتَيْنِ، كَمَا فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ.
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا جِهَتَيْنِ لِلْخُرُوجِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ بِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الِامْتِثَالُ بِالْخُرُوجِ لَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ لِلْخُرُوجِ جِهَتَانِ لَمْ يَتَعَذَّرْ الِامْتِثَالُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ.
[هل الْمَنْدُوبُ مَأْمُورٌ بِهِ]
ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَعَلِّقَتَيْنِ بِالْحَرَامِ، شَرَعَ فِي أَحْكَامِ الْمَنْدُوبِ وَذَكَرَهَا فِي مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَنْدُوبُ لُغَةً: الْمَدْعُوُّ لِمُهِمٍّ، مِنَ النَّدْبِ وَهُوَ الدُّعَاءُ. وَفِي الشَّرْعِ: الْفِعْلُ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ النَّدْبُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنِ الْمَنْدُوبِ مَأْمُورًا بِهِ. فَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ، وَالْبَاقُونَ إِلَى أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ بِوَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute