. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الْقَطْعَ.
نَعَمْ، لَوْ قَدَّرْنَا وُجُودَ قَدْرِ الْحِكْمَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي مَحَلِّ النَّقْضِ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ، وَإِنْ بَعُدَ هَذَا التَّقْدِيرُ؛ لِعُسْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى قَدْرِ الْحِكْمَةِ، أَبْطَلَ الْكَسْرُ الْعِلَّةَ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَهُمَا، إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ حُكْمٌ آخَرُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ أَلْيَقُ بِالْحِكْمَةِ مِنَ الْحُكْمِ الْمُخْتَلِفِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُبْطِلُ الْكَسْرُ الْعِلَّةَ.
مَثَلًا: لَوْ عَلَّلَ وُجُوبَ قَطْعِ الْيَدِ قِصَاصًا بِحِكْمَةِ الزَّجْرِ، فَيَعْتَرِضُ الْخَصْمُ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانَ، فَإِنَّ حِكْمَتَهُ أَزْيَدُ ثَمَّةَ لَوْ قُطِعَ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَجِبِ الْقَطْعُ.
فَيَقُولُ الْمُعَلِّلُ: ثَبَتَ فِيهِ حُكْمٌ أَلْيَقُ بِحِكْمَةِ الزَّجْرِ، تَحْصُلُ حِكْمَةُ الزَّجْرِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ وَزِيَادَةٍ، وَهُوَ الْقَتْلُ.
[[النقض المكسور هل يبطل العلة]]
ش - اخْتَلَفُوا فِي النَّقْضِ الْمَكْسُورِ، وَهُوَ نَقْضُ بَعْضِ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ، أَيْ تَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنْ بَعْضِ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْعِلَّةَ، مِثَالُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ: مَبِيعٌ مَجْهُولُ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ، فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ، قِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا قَالَ: بِعْتُ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْعِلَّةُ كَوْنُ الْمَبِيعِ مَجْهُولَ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ.
فَيَعْتَرِضُ الْحَنَفِيُّ بِمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَرَهَا، فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ مُتَحَقِّقٌ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ، فَتَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْ بَعْضِ أَوْصَافِ الْعِلَّةِ.
وَاحْتَجَّ عَلَى الْمُخْتَارِ بِأَنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ الْأَوْصَافِ لَا بَعْضُهَا، يَعْنِي مَجْمُوعَ كَوْنِهِ مَبِيعًا مَجْهُولَ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ، لَا مَجْهُولَ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ فَقَطْ، فَلَا نَقْضَ لِلْعِلَّةِ، أَيْ لَمْ يَلْزَمْ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ.
فَإِنْ بَيَّنَ الْحَنَفِيُّ عَدَمَ تَأْثِيرِ كَوْنِهِ مَبِيعًا، كَانَ وَصْفُ كَوْنِهِ مَبِيعًا كَالْعَدَمِ ; لِانْتِفَاءِ تَأْثِيرِهِ، فَيَكُونُ الْعِلَّةُ حِينَئِذٍ كَوْنَهُ مَجْهُولَ الصِّفَةِ عِنْدَ الْعَاقِدِ، فَيَصِحُّ النَّقْضُ ; لِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ عَنِ الْعِلَّةِ.
وَمُجَرَّدُ ذِكْرِ كَوْنِهِ مَبِيعًا لَا يُفِيدُ دَفْعَ النَّقْضِ، مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ تَأْثِيرُهُ فِي الْعِلِّيَّةِ.
[[العكس]]
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْعِلَّةَ، هَلْ هِيَ مَشْرُوطَةٌ بِالْعَكْسِ أَمْ لَا؟ وَالْعَكْسُ: انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَاشْتِرَاطُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ.
فَمَنْ مَنَعَ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ، اشْتَرَطَ الْعَكْسَ فِي الْعِلَّةِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْحُكْمِ إِلَّا دَلِيلٌ وَاحِدٌ، فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ عِنْدَ انْتِفَاءِ دَلِيلِهِ. وَنَعْنِي بِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ انْتِفَاءَ الْعِلْمِ أَوِ الظَّنِّ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ عَلَى الصَّانِعِ انْتِفَاءُ الصَّانِعِ، بَلِ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِهِ.
وَمَنْ جَوَّزَ تَعْلِيلَ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ، لَمْ يَشْتَرِطِ الْعَكْسَ فِي الْعِلَّةِ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ دَلِيلٍ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ أَوِ الظَّنِّ بِالْمَدْلُولِ لِجَوَازِ تَحَقُّقِ دَلِيلٍ آخَرَ مُوجِبٍ لِلْعِلْمِ أَوِ الظَّنِّ.
[تعليل الحكم بعلتين أَوْ عِلَلٍ كُلٌّ مُسْتَقِلٌّ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ أَوْ بِعِلَلٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِالْعِلِّيَّةِ عَلَى خَمْسَةِ مَذَاهِبَ:
أَوَّلُهَا: يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ.
وَثَانِيهَا: لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا.
وَثَالِثُهَا: يَجُوزُ فِي الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ، لَا الْمُسْتَنْبَطَةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي.
وَرَابِعُهَا: عَكْسُهُ، أَيْ يَجُوزُ فِي الْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ، لَا الْمَنْصُوصَةِ.
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ يَجُوزُ، وَلَكِنْ لَمْ يَقَعْ، وَهُوَ مُخْتَارُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ، وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَهُ بِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجُزْ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَلٍ، كُلٌّ مِنْهَا