. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْجَوَازِ الْوُقُوعُ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] عَامٌّ، فَيُبَيِّنُ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِخْرَاجَ الذِّمِّيِّ، ثُمَّ الْعَبْدِ، ثُمَّ الْمَرْأَةِ عَلَى التَّدْرِيجِ.
وَأَيْضًا: آيَةُ الْمِيرَاثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: ١١] عَامَّةٌ. فَبَيَّنَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِخْرَاجَ نَفْسِهِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: " «نَحْنُ - مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ - لَا نُورَثُ؛ فَمَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ» ". ثُمَّ بَيَّنَ إِخْرَاجَ الْقَاتِلِ، ثُمَّ الْكَافِرِ بِتَدْرِيجٍ.
الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَعْضِ دُونَ بَعْضٍ قَالُوا: بَيَانُ الْبَعْضِ يُوهِمُ وُجُوبَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْبَاقِي، فَيَكُونُ تَجْهِيلًا لِلْمُكَلَّفِ.
أَجَابَ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَامِّ بِدُونِ ذِكْرِ الْمُخَصِّصِ يُوهِمُ وُجُوبَ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ جَائِزٌ، فَإِذَا جَازَ إِيهَامُ الْجَمِيعِ فَجَوَازُ إِيهَامِ الْبَعْضِ أَوْلَى.
[مَسْأَلَةٌ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِالْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ إِجْمَاعًا]
ش - أَجْمَعَ الْأُصُولِيُّونَ عَلَى امْتِنَاعِ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْبَحْثِ عَنِ الْمُخَصِّصِ، لَمْ يَحْصُلْ ظَنُّ الْعُمُومِ، لِأَنَّ اعْتِقَادَ إِمْكَانِ وُجُودِ الْمُخَصِّصِ مَانِعٌ عَنْ حُصُولِ الظَّنِّ.
وَأَمَّا بَعْدَ الْبَحْثِ وَعَدَمِ الْوِجْدَانِ يَحْصُلُ الظَّنُّ.
وَبَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى امْتِنَاعِ الْعَمَلِ بِالْعُمُومِ قَبْلَ الْبَحْثِ، اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ الْبَحْثِ.
فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي الْبَحْثُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْتِفَاءُ الْمُخَصِّصِ، وَلَا يُشْتَرَطُ حُصُولُ الْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْمُخَصِّصِ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ الْمُوجِبِ لِلْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الْمُخَصِّصِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ دَلِيلٍ مَعَ مُعَارِضِهِ، أَيْ يَكْفِي فِيهِ الْبَحْثُ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْتِفَاءُ مُعَارِضِهِ.