. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْمُصْحَفِ وَنَقْلِهِ مَسْبُوقًا بِتَصَوُّرِ الْقُرْآنِ، لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ الْقُرْآنُ بِالْمُصْحَفِ وَالنَّقْلِ، يَلْزَمُ الدَّوْرُ. وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ عُرِفَ الْقُرْآنُ بِالْحُكْمِ بِوُجُودِ الْمُصْحَفِ وَنَقْلِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيفَ الَّذِي زَيَّفَهُ الْمُصَنِّفُ ذَكَرَهُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُسْتَصْفَى.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَدْفَعَ التَّزْيِيفَ بِالْعِنَايَةِ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا التَّعْرِيفُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ لِغَيْرِ الْمُثْبِتِ. وَالْإِثْبَاتُ وَالنَّقْلُ لَا يَسْتَدْعِيَانِ تَصَوُّرَ الْقُرْآنِ إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُثْبِتِ.
[مَا نُقِلَ آحَادًا فَلَيْسَ بِقُرْآنٍ]
ش - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي بَيَانِ أَنَّ مَا نُقِلَ آحَادًا لَيْسَ بِقُرْآنٍ. وَذَلِكَ لِأَنَّا قَاطِعُونَ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي يَكُونُ هَادِيًا لِلْخَلْقِ، مُعْجِزًا عَلَى وَجْهٍ لَوِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، يَمْتَنِعُ أَنْ لَا يَتَوَاتَرَ فِي تَفَاصِيلِهِ، أَيْ فِي أَصْلِهِ وَأَجْزَائِهِ وَوَضْعِهِ وَتَرْتِيبِهِ وَمَحَلِّهِ ; إِذِ الدَّوَاعِي تَتَوَفَّرُ عَلَى نَقْلِهِ إِلَى أَنْ يَصِيرَ شَائِعًا مُسْتَفِيضًا مُتَوَاتِرًا. فَمَا لَمْ يَبْلُغْ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ يُقْطَعْ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ.
[[حكم البسملة في أول السور]]
ش - اعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي النَّمْلِ: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: ٣٠] مِنَ الْقُرْآنِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا هَلْ هِيَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ سِوَى التَّوْبَةِ،؟ أَمْ لَا؟
فَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ. ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي أَنَّهَا هَلْ تَكُونُ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ آيَةً بِرَأْسِهَا، أَوْ هِيَ مَعَ أَوَّلِ آيَةٍ مِنَ السُّورَةِ آيَةٌ.
وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ حَمَلَ التَّرَدُّدَ عَلَى أَنَّهَا هَلْ هِيَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ سُورَةٍ أَوْ لَا.
قَالَ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حَمْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْأَوَّلِ، أَصَحُّ.