للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

صَحِيحَةٌ، مَعَ أَنَّهَا تَلْزَمُ مَصْلَحَةٌ وَمَفْسَدَةٌ تُسَاوِيهَا، أَوْ تَزِيدَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَرَامَ إِنْ غَلَبَ عَلَى الْحَلَالِ مُطْلَقًا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْضٍ، تَزِيدُ الْمَفْسَدَةُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى غَيْرِ الْوَاجِبِ كَانَتَا مُتَسَاوِيَتَيْنِ.

أَجَابَ بِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْغَصْبِ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنِ الصَّلَاةِ وَبِالْعَكْسِ، أَيْ: مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنِ الْغَصْبِ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ خَالِصَةٍ.

وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ وَالْمَفْسَدَةَ نَشَأَتَا مِنَ الصَّلَاةِ، لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ، بَلْ تَكُونُ فَاسِدَةً.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ مِنْ تَرْجِيحٍ، فَعَلَى الْمُسْتَدِلِّ أَنْ يُرَجِّحَ الْوَصْفَ.

وَالتَّرْجِيحُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَسَائِلِ، فَإِنَّ التَّرْجِيحَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ قَدْ يَكُونُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَقَدْ يَكُونُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إِلَى أَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَقَدْ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ.

وَلِلْمُسْتَدِلِّ تَرْجِيحٌ إِجْمَالِيٌّ يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنِ الْمَصْلَحَةُ رَاجِحَةً عَلَى مَا عَارَضَهَا مِنَ الْمَفْسَدَةِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِمُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ ; لِأَنَّا بَحَثْنَا وَلَمْ نَجِدْ مَصْلَحَةً أُخْرَى تَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَيْرِ، وَثُبُوتُ الْحُكْمِ بِمُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ خِلَافُ الْأَصْلِ.

[[المناسب مؤثر وملائم وغريب ومرسل]]

ش - اعْلَمْ أَنَّ قَبْلَ الْخَوْضِ فِي تَقْدِيرِ مَا فِي الْمَتْنِ، نَذْكُرُ مُقَدِّمَةً نَافِعَةً، فَنَقُولُ: إِنَّ لِلْجِنْسِيَّةِ فِي الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ مَرَاتِبُ بِحَسَبِ الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ.

أَمَّا فِي الْحُكْمِ فَأَعَمُّ أَجْنَاسِهِ كَوْنُهُ حُكْمًا شَرْعِيًّا، ثُمَّ الْوُجُوبُ، ثُمَّ وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ، ثُمَّ وُجُوبُ الصَّلَاةِ.

وَأَمَّا فِي الْوَصْفِ فَأَعَمُّ أَجْنَاسِهِ كَوْنُهُ وَصْفًا يُنَاطُ بِهِ الْحُكْمُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ وَغَيْرُ الْمُنَاسِبِ، ثُمَّ الْوَصْفُ الْمُنَاسِبُ، ثُمَّ الْمُنَاسِبُ الضَّرُورِيُّ، ثُمَّ الضَّرُورِيُّ فِي حِفْظِ الدِّينِ.

وَالْأَوْصَافُ إِنَّمَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهَا إِذَا ظُنَّ اعْتِبَارُ الشَّارِعِ إِيَّاهَا.

وَكُلَّمَا كَانَ الْتِفَاتُ الشَّارِعِ إِلَيْهِ أَكْثَرَ، كَانَ ظَنُّ كَوْنِهِ مُعْتَبَرًا أَقْوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>