. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَأَوْصَيْتُ لَهُمْ بِكَذَا، دَخَلَتِ النِّسَاءُ فِي قَوْلِهِ لَهُمْ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ مُوجِبَةٍ لَهُمْ لِلدُّخُولِ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ جَمْعُ الْمُذَكَّرِ مُتَنَاوِلًا لِلنِّسَاءِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ لَمَا دَخَلَتِ النِّسَاءُ فِي قَوْلِهِ " لَهُمْ " بِغَيْرِ قَرِينَةٍ.
أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ دُخُولَ النِّسَاءِ فِي قَوْلِهِ (لَهُمْ) بِغَيْرِ قَرِينَةٍ، بَلْ دُخُولُهُنَّ فِيهِ بِالْقَرِينَةِ ; فَإِنَّ الْإِيصَاءَ الْأَوَّلَ وَجَرَيَانَ ذِكْرِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ قَرِينَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالدُّخُولِ.
[مَسْأَلَةٌ " مَنِ " الشَّرْطِيَّةُ تَشْمَلُ الْمُؤَنَّثَ]
ش - ذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ الْعَامَّةَ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِيهَا الْمُذَكَّرُ عَنِ الْمُؤَنَّثِ بِعَلَامَةٍ مِثْلَ مَنِ الشَّرْطِيَّةِ، يَشْمَلُ الْمُؤَنَّثَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ إِمَاءٌ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ حُرٌّ، عُتِقْنَ بِالدُّخُولِ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُؤَنَّثُ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِ " مَنْ " لَمَا عُتِقْنَ.
[مَسْأَلَةٌ الْخِطَابُ بِالنَّاسِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوِهِمَا يَشْمَلُ الْعَبِيدَ]
ش - إِذَا وَرَدَ خِطَابٌ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُطْلَقٍ مِثْلَ: النَّاسِ وَالْمُؤْمِنِينَ، يَشْمَلُ الْعَبِيدَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.
وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ إِلَى خِلَافِهِ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ: إِنْ كَانَ الْخِطَابُ بِالْعُمُومَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِحَقِّ اللَّهِ - يَشْمَلُ الْعَبِيدَ. وَإِنْ كَانَ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَلَا.
وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ مَذْهَبَ الْأَكْثَرِ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَبِيدَ مِنَ النَّاسِ وَالْمُؤْمِنِينَ قَطْعًا. وَلَا مَانِعَ يُخْرِجُهُمْ مِنْهُمَا فَيَجِبُ دُخُولُهُمْ فِيهِمَا.
ش - احْتَجَّ الْأَقَلُّونَ بِوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ صَرْفُ مَنَافِعِ الْعَبْدِ إِلَى مُهِمَّاتِ سَيِّدِهِ، فَلَوْ خُوطِبَ الْعَبْدُ بِصَرْفِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ إِلَى غَيْرِ السَّيِّدِ لَزِمَ التَّنَاقُضَ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ صَرْفُ مَنَافِعَ الْعَبْدِ إِلَى مُهِمَّاتِ السَّيِّدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ تَضَايُقِ الْعِبَادَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَلَا يَتَنَاقَضُ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَنَافِعُهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ تَضَايُقِ الْعِبَادَاتِ مَصْرُوفَةً إِلَى سَيِّدِهِ، وَفِي وَقْتِ تَضَايُقِ الْعِبَادَاتِ مَصْرُوفَةً إِلَى غَيْرِهِ.
الثَّانِي - أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِطَابُ الْعَامُّ مُتَنَاوِلًا لِلْعَبِيدِ لَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَالْجُمُعَةُ، لِوُجُودِ الْمُوجَبِ، وَهُوَ الْخِطَابُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِلُ لَهُمْ.
وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.
أَجَابَ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَيْهِمْ لَا يُوجِبُ عَدَمَ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ الْعَامِّ إِيَّاهُمْ.
وَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ عَنِ الْخِطَابِ الْعَامِّ بِدَلِيلٍ خَارِجِيٍّ، كَخُرُوجِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ.
[مَسْأَلَةٌ: مِثْلُ " يَا أَيُّهَا النَّاسُ " " يَا عِبَادِي " يَشْمَلُ الرَّسُولَ]
ش - الْخِطَابُ الْعَامُّ الْوَارِدُ بِطَرِيقِ النِّدَاءِ، مِثْلَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، يَا عِبَادِي، يَشْمَلُ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَ الْأَكْثَرِ.
وَذَهَبَ الْأَقَلُّونَ إِلَى خِلَافِهِ.
وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: الْخِطَابُ الْعَامُّ الْوَارِدُ بِطَرِيقِ النِّدَاءِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ (قُلْ) ، يَشْمَلُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَإِذَا كَانَ مَعَهُ (قُلْ) مِثْلَ {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الأعراف: ١٥٨] لَمْ يَشْمَلِ الرَّسُولَ.