للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَمِنْ ثَمَّ - أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقِيَاسٍ - قَالَ بِهِ النَّافِي لِلْقِيَاسِ.

وَمَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ يَنْقَسِمُ إِلَى مَا يَكُونُ قَطْعِيًّا، وَإِلَى مَا يَكُونُ ظَنِّيًّا.

وَالْقَطْعِيُّ: مَا لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ إِنْكَارٌ؛ مِثْلُ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَالظَّنِّيُّ بِخِلَافِهِ؛ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ بِقَوْلِهِ: " وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ " فَإِنَّ هَذَا وَإِنْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةَ فِي الْعَمْدِ ; لِأَنَّهُ الْأَوْلَى بِالْمُؤَاخَذَةِ، إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِقَطْعِيَّةٍ ; لِأَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ مُعَلَّلٌ بِالْمُؤَاخَذَةِ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخَاطِئِ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنْ يُكَفِّرَ ذَنْبَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْعَمْدِ ; لِأَنَّ الْعَمْدَ فَوْقَ الْخَطَأِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْكَفَّارَةِ رَافِعَةً لِإِثْمٍ أَدَقَّ كَوْنُهَا رَافِعَةً لِلْإِثْمِ الْأَعْلَى.

وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ: وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمَاضِي كَاذِبًا، مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ؛ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَا أَكَلْتُ، مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَكْلِ.

وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِالْغَمُوسِ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ.

وَإِنَّمَا أَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ الْكَفَّارَةَ فِيهَا نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا أَوْلَى بِالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ الْغَمُوسِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>