للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ نَسْخَ الصُّورَتَيْنِ بِالسُّنَّةِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ الْمَعْلُومِ بِالْمَظْنُونِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» " وَرَجْمَ الْمُحْصَنِ، مِنْ قَبِيلِ الْآحَادِ، وَنَسْخُ الْمَعْلُومِ بِالْمَظْنُونِ خِلَافُ الْمَفْرُوضِ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الَّذِي هُوَ الْمَظْنُونُ لَا يَنْسَخُ الْقُرْآنَ الَّذِي هُوَ الْمَقْطُوعُ.

وَهَذَا الْفَرْضُ إِنَّمَا لَزِمَ مِنَ الْمُدَّعِي بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ ; لِأَنَّ تَقْيِيدَ الْخَبَرِ بِالْمُتَوَاتِرِ فِي الْمُدَّعِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.

ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ قَالُوا: النَّاسِخُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنَ الْمَنْسُوخِ أَوْ مِثْلَهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦] وَالسُّنَّةُ لَيْسَتْ بِخَيْرٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَلَا بِمِثْلٍ لَهُ. فَلَا يَجُوزُ نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ، وَأَيْضًا: قَالَ تَعَالَى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة: ١٠٦] . وَالضَّمِيرُ فِي " نَأْتِ " لِلَّهِ فَيَكُونُ الْآتِي بِالنَّسْخِ هُوَ اللَّهُ، وَجَوَازُ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْآتِيَ بِالسُّنَّةِ لَيْسَ هُوَ اللَّهُ، بَلِ الرَّسُولُ.

أَجَابَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ النَّسْخِ فِي الْآيَةِ هُوَ نَسْخُ الْحُكْمِ، لَا اللَّفْظِ ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا تَفَاضُلَ فِيهِ بِحَسَبِ اللَّفْظِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ السُّنَّةِ خَيْرًا مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ أَوْ مِثْلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ السُّنَّةِ أَصْلَحَ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ حُكْمِ الْقُرْآنِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>