للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْجَمْعُ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْمَعِيَّةِ، وَلَا تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ بِالتَّرْتِيبِ، إِذْ لَوْ حَصَلَتِ الْعِلَّتَانِ مَعًا أَوْ تَرَتَّبَا، فَإِنْ كَانَ تَأْثِيرُ الْكُلِّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، كَانَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْمِثْلَيْنِ.

وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ اخْتِصَاصَ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ بِالتَّرْتِيبِ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّ الْعِلَّتَيْنِ إِذَا حَصَلَتَا مَعًا، كَانَ فِعْلُهُمَا أَيْضًا مَعًا، فَلَا يُتَصَوَّرُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ فِي فِعْلِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ; لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا حَصَلَ شَيْءٌ بَعْدَ حُصُولِهِ مَرَّةً أُخْرَى.

وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْمِثْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْمَعِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّرْتِيبُ مُسْتَلْزِمًا لِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ أَظْهَرُ فَسَادًا مِنَ اجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ، لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي التَّرْتِيبِ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ، بَلْ بَيَّنَ اسْتِلْزَامَهُ لِمَا هُوَ أَظْهَرُ فَسَادًا مِنْهُ.

ثُمَّ قَالَ: وَأَيْضًا لَمْ يَحْتَجْ فِي لُزُومِ الِاسْتِغْنَاءِ وَعَدَمِهِ إِلَى تَوَسُّطِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ، وَهُوَ حَقٌّ.

أَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ اجْتِمَاعَ الْمِثْلَيْنِ أَوْ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ إِنَّمَا يَلْزَمُ مِنَ الْعِلَّتَيْنِ الْمُسْتَقِلَّتَيْنِ فِي الْعِلَلِ الْعَقْلِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِوُجُودِ الْمَعْلُولِ، وَأَمَّا فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي هِيَ دَلَائِلُ الْأَحْكَامِ فَلَا; لِأَنَّهُ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِمَدْلُولٍ وَاحِدٍ دَلِيلَانِ، أَوْ دَلَائِلُ.

الثَّالِثُ: لَوْ جَازَ تَعْلِيلُ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ بِعِلَّتَيْنِ أَوْ عِلَلٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مُسْتَقِلَّةٌ، لَمَا تَعَلَّقَتِ الْأَئِمَّةُ فِي عِلَّةِ الرِّبَا بِالتَّرْجِيحِ، يَعْنِي تَرْجِيحَ عِلَلِهَا مِنَ الطَّعْمِ وَالْقُوتِ وَالْكَيْلِ، بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>