للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَوُجِدَ صُورَةٌ أُخْرَى مُشَارِكَةٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فِي وَصْفٍ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّكُمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مُعَلَّلٌ بِذَلِكَ الْوَصْفِ، فَقِيسُوا الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى، خِلَافًا لِلشِّيعَةِ وَالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ.

وَقَالَ الْقَفَّالُ وَأَبُو الْحُسَيْنِ: يَجِبُ التَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا.

وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ بِأَنَّا نَقْطَعُ بِجَوَازِ التَّعَبُّدِ بِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ لِلْإِسْكَارِ، فَقِيسُوا كُلَّ مُشَارِكٍ لَهَا فِي الْإِسْكَارِ.

وَأَيْضًا: لَوْ لَمْ يَجُزْ، لَمْ يَقَعْ ; لِأَنَّ الْوُقُوعَ دَلِيلُ الْجَوَازِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِمَا سَيَأْتِي.

ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ التَّعَبُّدِ عَقْلًا احْتَجُّوا بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَظْنُونًا، وَكُلُّ مَا لَا يُؤَمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ، يَمْنَعُهُ الْعَقْلُ لِكَوْنِ الْخَطَأِ مَحْظُورًا، فَلَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ التَّعَبُّدَ بِمَا يَكُونُ مَحْذُورًا.

أَجَابَ بِأَنَّ مَنْعَ الْعَقْلِ فِي مِثْلِ مَا لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ، لَيْسَ مَنْعَ إِحَالَةٍ، بَلْ مَنْعُ احْتِيَاطٍ.

وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَنْعَ الْعَقْلِ مَا لَا يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ مَنْعَ إِحَالَةٍ، لَكِنْ إِذَا ظُنَّ الصَّوَابُ، لَا يَمْنَعُ الْعَقْلَ ; لِأَنَّ ظَنَّ الصَّوَابِ يُؤْمَنُ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ.

وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ظَنَّ الصَّوَابِ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ عِنْدَ الْعَقْلِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَيَمْنَعُهُ الْعَقْلُ ; لِأَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْلِ مِمَّا لَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْخَطَأُ.

الثَّانِي: أَنَّ الشَّارِعَ قَدْ أَمَرَ بِمُخَالَفَةِ الظَّنِّ ; لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنَ الْحُكْمِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَبِشَهَادَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَفَادَتِ الظَّنَّ، وَمَنَعَ مِنْ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّاتِ إِذَا اشْتَبَهْنَ بِرَضِيعَةٍ، وَإِنْ ظُنَّ بِوَاحِدَةٍ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>