للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ; ضَرُورَةَ كَوْنِ الْحُكْمِ قَدِيمًا، وَالثَّانِي يُلْزِمُ تَفَرُّعَ الْعِلْمِ.

وَالْعَجَبُ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْفَرْعِيَّةَ صِفَةٌ لِلْأَحْكَامِ وَهِيَ بِاعْتِبَارِ التَّصَوُّرِ، لَا بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ ; إِذْ عَدَمُ الْأَدِلَّةِ لَا يُوجِبُ عَدَمَهَا، وَعَدَمُ الْفَرْعِ مُرَتَّبٌ عَلَى عَدَمِ الْأَصْلِ، فَهِيَ فَرْعٌ بِاعْتِبَارِ الْعِلْمِ بِحُصُولِهَا لِلْأَفْعَالِ.

وَأَيْضًا - الْأَحْكَامُ لَيْسَتْ هِيَ فَرْعًا، بَلْ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الْفَرْعِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ.

وَقَوْلُهُ: " عَنْ أَدِلَّتِهَا التَّفْصِيلِيَّةِ " مُتَعَلِّقٌ بِالْعِلْمِ. وَبِهِ خَرَجَ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، وَعَلْمُنَا بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ.

وَمَا قِيلَ: إِنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَحْكَامِ عَنِ " الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ " ; لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْعِلَّةِ مُسْتَلْزِمٌ لِلْعِلْمِ بِالْمَعْلُولِ، فَبَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ لَا تَكُونُ عِلَّةً لِلْأَحْكَامِ، بَلْ تَكُونُ أَمَارَاتٍ لَهَا، لِمَا قِيلَ: إِنَّ الدَّلِيلَ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ - وَهُوَ: مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ - يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ عِلْمُهُ تَعَالَى عَنِ الْأَدِلَّةِ ; ضَرُورَةَ امْتِنَاعِ حُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ بِالنَّظَرِ ; لِأَنَّ مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ فِيهِ جَازَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَطْلُوبِ الْخَبَرِيِّ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْظَرَ فِيهِ. فَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ عِلْمِهِ تَعَالَى عَنِ الْأَدِلَّةِ، حُصُولُهُ بِالنَّظَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>