للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ تَطَابَقَ قَاضِي الْعَقْلِ، وَهُوَ لَا يُبْذَلُ وَلَا يُعْزَلُ، وَشَاهِدُ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْمُزَكِّي الْمُعَدِّلُ، عَلَى أَنَّ أَرْجَحَ الْمَطَالِبِ وَأَرْبَحَ الْمَكَاسِبِ، وَأَعْظَمَ الْمَوَاهِبِ، وَأَكْرَمَ الرَّغَائِبِ هُوَ الْعِلْمُ ; لِأَنَّهُ عَمَلُ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ، وَسَعْيُ الْعَقْلِ الَّذِي هُوَ أَعَزُّ الْأَشْيَاءِ.

وَنَاهِيكَ كَمَالًا وَمَرْتَبَةً، وَجَلَالًا وَمَنْقَبَةً بِقَوْلِهِ عَزَّ وَعَلَا: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: ١٨] . فَإِنَّهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِهِ، وَثَلَّثَ بِأُولِي الْعِلْمِ.

وَأَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَكْمَلُهَا، وَأَنْفَعُ الْمَعَارِفِ وَأَجَلُّهَا: هُوَ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ، وَالْمَعَارِفُ الدِّينِيَّةُ، إِذْ بِهَا يَكْمُلُ انْتِظَامُ الْمَعَاشِ فِي الدُّنْيَا، وَيَحْصُلُ اغْتِنَامُ الِارْتِيَاشِ فِي الْعُقْبَى.

وَكَانَ عِلْمُ أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ جُمْلَتِهَا فِي الرُّتْبَةِ الْعُظْمَى، وَالدَّرَجَةِ الْعُلْيَا ; إِذْ جُمِعَ فِيهِ الرَّأْيُ وَالشَّرْعُ، وَاصْطُحِبَ فِيهِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ.

وَمِمَّا صُنِّفَ فِيهِ مِنَ الْكُتُبِ الشَّرِيفَةِ وَالزُّبُرِ اللَّطِيفَةِ: (مُخْتَصَرُ [مُنْتَهَى الْوُصُولِ] وَالْأَمَلِ فِي عِلْمَيِ الْأُصُولِ وَالْجَدَلِ) .

مِنْ مُصَنَّفَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>