للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَأَيْضًا - لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا عُمِلَ بِالْمَرْجُوحِ، يَلْزَمُ خِلَافُ الْعَقْلِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ الْمَرْجُوحُ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ، مَرْجُوحًا فِي الْوَاقِعِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ.

لَا يُقَالُ: إِنَّ الظَّنَّ هُوَ الْحُكْمُ بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ فِي الْوَاقِعِ ; لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ بِالرَّاجِحِ فِي الْوَاقِعِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الثَّابِتَ فِيهِ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الظَّنَّ هُوَ الْحُكْمُ بِالطَّرَفِ الرَّاجِحِ ; لِجَوَازِ كَذِبِهِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَبَيِّنُوهُ حَتَّى يُتَصَوَّرَ أَوَّلًا ثُمَّ يُتَكَلَّمَ عَلَيْهِ ثَانِيًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ انْحِصَارُ جَمِيعِ الْفِقْهِ فِي الْوُجُوبِ، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْعِلْمُ بِالنَّدْبِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْحُرْمَةِ وَالْإِبَاحَةِ، مَعَ أَنَّهُ مِنَ الْفِقْهِ بِالِاتِّفَاقِ.

فَإِنْ قِيلَ: التَّعَرُّضُ لِلْوُجُوبِ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْعِلْمُ بِمُقْتَضَى الظَّنِّ بِالْأَحْكَامِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَظْنُونِ. فَإِنْ ظُنَّ وَجُوبُهُ عُلِمَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ، وَإِنْ ظُنَّ حُرْمَتُهُ عُلِمَ حُرْمَةُ الْعَمَلِ بِهَا وَكَذَا الْبَاقِي.

أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ لَا يُفِيدُ إِلَّا وُجُوبَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى الظَّنِّ.

فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ وُجُوبُ اعْتِقَادِ الْحُكْمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَظْنُونِ; فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ النَّدْبُ مَظْنُونًا وَجَبَ اعْتِقَادُ نَدْبِيَّتِهِ. أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِقَوْلِهِ: " الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ " عَلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ التَّعْرِيفُ فَاسِدًا.

ش - الْحَدُّ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلْمَحْدُودِ ; لِأَنَّ الْأَخَصَّ أَخْفَى، وَالْأَعَمَّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ أَصْلًا.

فَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَحَقُّقُ الْمَحْدُودِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْحَدِّ، وَهُوَ الِاطِّرَادُ، وَانْتِفَاؤُهُ عِنْدَ انْتِفَائِهِ، وَهُوَ الْعَكْسُ.

فَالسُّؤَالُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْحَدَّ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّهُ إِمَّا غَيْرَ مُطَّرِدٍ وَإِمَّا غَيْرَ مُنْعَكِسٍ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْكَامِ بَعْضُهَا أَوْ جَمِيعُهَا. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ يَلْزَمُ عَدَمُ اطِّرَادِ الْحَدِّ; ضَرُورَةَ تَحَقُّقِهِ بِدُونِ تَحَقُّقِ الْمَحْدُودِ ; لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ عَالِمٌ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ، فَيَصْدُقُ عَلَى عِلْمِهِ حَدُّ الْفِقْهِ، وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ فِقْهًا ; لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يُسَمَّى فَقِيهًا.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، يَلْزَمُ عَدَمُ الِانْعِكَاسِ; ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَحْدُودِ بِدُونِ الْحَدِّ ; لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ الْمُجْتَهِدِينَ فُقَهَاءُ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ; ضَرُورَةَ ثُبُوتِ " لَا أَدْرِي " بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ. لِأَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، فَقَالَ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا: " لَا أَدْرِي ".

ش - أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شِقَّيِ التَّرْدِيدِ. أَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الِاطِّرَادِ. قَوْلُهُ: ضَرُورَةُ دُخُولِ الْمُقَلِّدِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>