للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

لَكِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي دَلَالَتِهِمَا عَلَى مَعَانِيهِمَا الْإِفْرَادِيَّةِ ذِكْرُ مُتَعَلِّقِهِمَا. وَذَلِكَ لِأَنَّ نَحْوَ " الِابْتِدَاءِ " وَ " الِانْتِهَاءِ " وَكَذَا " ابْتَدَأَ " وَ " انْتَهَى " لَمْ يُشْتَرَطْ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى مَعَانِيهَا الْإِفْرَادِيَّةِ ذِكْرُ مُتَعَلِّقِهَا، وَلِهَذَا يُفْهَمُ مَعْنَى الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ.

وَكَذَا مَعْنَى " ابْتَدَأَ " وَ " انْتَهَى " بِدُونِ ذِكْرِ مُتَعَلِّقِهَا. بِخِلَافِ " مِنْ " وَ " إِلَى " فَإِنَّ مَعْنَاهُمَا لَا يُفْهَمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُذْكَرَ مُتَعَلِّقُهُمَا.

فَإِنْ قِيلَ: " مِنْ " وَ " إِلَى " يُفْهَمُ مِنْهَا الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ بِدُونِ ذِكْرِ مُتَعَلِّقِهِمَا.

أُجِيبَ بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ وَالِانْتِهَاءَ فُهِمَا مِنْهُمَا حَالَةَ اعْتِبَارِ مُتَعَلِّقِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.

وَإِنَّمَا مَثَّلَ مِنَ الْأَسْمَاءِ بِـ " الِابْتِدَاءِ " وَ " الِانْتِهَاءِ "، وَمِنَ الْأَفْعَالِ بِـ " ابْتِدَأَ " وَ " انْتَهَى " ; لِيُعْلَمَ أَنَّهُ إِذَا عَبَّرَ عَنِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ بِمُجَرَّدِ لَفْظِ " مِنْ " وَ " إِلَى " وَلَمْ يَذْكُرْ مُتَعَلِّقَهُمَا، لَمْ يَدُلَّا عَلَيْهِمَا. وَإِذَا عَبَّرَ عَنِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ بِالِاسْمِ أَوِ الْفِعْلِ، فُهِمَا بِدُونِ ذِكْرِ مُتَعَلِّقِهِمَا.

ش - هَذَا جَوَابٌ عَنْ وَهْمٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْخَاصَّةَ الْمَذْكُورَةَ لِلْحَرْفِ تَنْتَقِضُ بِهَذِهِ الْأَسَامِي. وَذَلِكَ لِأَنَّ " ذُو " وَ " فَوْقَ " وَ " تَحْتَ " وَأَمْثَالَهَا أَسْمَاءٌ بِالِاتِّفَاقِ، مَعَ أَنَّ الْخَاصَّةَ الْمَذْكُورَةَ ثَابِتَةٌ لَهَا ; لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ بِمَعْنَاهَا الْإِفْرَادِيِّ ; فَإِنَّهَا مَا لَمْ يُذْكَرْ مُتَعَلِّقُهَا مَعَهَا لَمْ يُفِدْ فَائِدَةً، وَلِذَلِكَ لَمْ يُسْتَعْمَلْ بِدُونِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.

وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقِلَّةٍ بِمَعْنَاهَا الْإِفْرَادِيِّ. وَذَلِكَ لِأَنَّ " ذُو " وَ " فَوْقَ " وَأَمْثَالَهُمَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْوَاضِعُ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى مَعَانِيهَا الْإِفْرَادِيَّةِ ذِكْرَ مُتَعَلِّقِهَا، وَإِنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا تُذْكَرَ إِلَّا مَعَ مُتَعَلِّقِهَا لِأَمْرٍ. وَهُوَ أَنَّهُ عُلِمَ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ وَضْعَ " ذُو " بِإِزَاءِ " صَاحِبٍ " لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى وَصْفِ الْأَسْمَاءِ بِأَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ. فَلِأَجْلِ حُصُولِ غَرَضِهِ مِنَ الْوَضْعِ اقْتَضَى ذِكْرَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، لَا لِأَجْلِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَا وُضِعَ بِإِزَائِهِ.

وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَوَقُّفِ حُصُولِ الْغَرَضِ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى ذِكْرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ تَوَقُّفُ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ " فَوْقَ " وُضِعَ بِإِزَاءِ مَكَانٍ عَالٍ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى عُلُوٍّ خَاصٍّ. فَلِذَلِكَ اقْتَضَى ذِكْرَ مُتَعَلِّقِهِ.

فَإِنَّ قَوْلَنَا: زَيْدٌ فَوْقَ الدَّارِ، إِنَّمَا يَتَخَصَّصُ [كَوْنُ] مَكَانِهِ عَالِيًا بِالِاقْتِرَانِ بِالدَّارِ.

وَقِسْ عَلَيْهِ الْبَاقِيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>