. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ حُسْنُ الْفِعْلِ وَقُبْحُهُ لِغَيْرِ نَفْسِ الطَّلَبِ، مِنَ الْوُجُوهِ وَالِاعْتِبَارَاتِ الْعَارِضَةِ لِلْفِعْلِ بِالْقِيَاسِ إِلَى غَيْرِهِ، لَمْ يَكُنْ تَعَلُّقُ طَلَبِ الْفِعْلِ لِنَفْسِ الْفِعْلِ، بَلِ التَّعَلُّقُ لِأَجْلِ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ ; لِأَنَّ التَّعَلُّقَ حِينَئِذٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ الزَّائِدِ عَلَى الْفِعْلِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ، فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
أَمَّا بَيَانُ بُطْلَانِ التَّالِي فَلِأَنَّ التَّعَلُّقَ نِسْبَةٌ بَيْنَ الطَّلَبِ وَالْفِعْلِ، وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ لَا يَتَوَقَّفُ إِلَّا عَلَى حُصُولِهِمَا. وَالطَّلَبُ قَدِيمٌ. فَإِذَا حَصَلَ الْفِعْلُ تَعَلَّقَ الطَّلَبُ بِهِ، سَوَاءٌ عَرَضَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ لِلْفِعْلِ أَوْ لَمْ يَعْرِضْ.
فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ التَّالِي، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الطَّلَبِ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ إِلَّا عَلَى الطَّلَبِ وَالْفِعْلِ، لَكِنَّ نَفْسَ الطَّلَبِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ لِلْفِعْلِ الْمُوجِبِ لِلْحُسْنِ أَوِ الْقُبْحِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّلَبَ، أَعْنِي الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ قَدِيمٌ قَائِمٌ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا بَيَّنَ فِي الْكَلَامِ. وَالْجِهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحُسْنِ أَوِ الْقُبْحِ حَادِثَةٌ، فَكَيْفَ يَصِحُّ تَوَقُّفُ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ. بَلِ التَّوَقُّفُ إِمَّا يَكُونُ لِلتَّعَلُّقِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْجِهَةِ مُوجِبَةً لِلْحُسْنِ ; لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَكُنِ الْجِهَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحُسْنِ، لَمْ يَحْصُلْ تَعَلُّقُ الطَّلَبِ بِهِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّلَبَ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ هُوَ، حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ التَّعَلُّقُ إِلَّا عَلَى الطَّلَبِ وَالْفِعْلِ. لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ إِذَا كَانَ عَلَى الْجِهَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُسْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute