للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

فَإِنْ قِيلَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ رَاجِحٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، أَنْ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ اخْتِيَارِيًّا ; فَإِنَّ الْمُخْتَارَ الْحَكِيمَ يَخْتَارُ مَا يَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْحِكْمَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُعَلَّلُ بِالْحِكَمِ وَالْأَغْرَاضِ، كَمَا بَيَّنَ فِي الْكَلَامِ.

ش - هَذَا دَلِيلٌ آخَرُ لِلْأَصْحَابِ عَلَى نَفْيِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، مَأْخُوذٌ مِنَ السَّمْعِ.

تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ} [الإسراء: ١٥] حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا يَقْتَضِي نَفْيَ التَّعْذِيبِ بِمُبَاشَرَةِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ وَتَرْكِ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ إِلَى غَايَةِ الْبَعْثَةِ.

وَمَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ يَسْتَلْزِمُ تَعْذِيبَ تَارِكِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ وَمُبَاشَرَةِ بَعْضِهَا قَبْلَ بَعْثَةِ الرُّسُلِ ; لِأَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْبَعْثَةِ.

وَالْحُسْنُ فِي بَعْضِ الْأَفْعَالِ مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا، وَالْقُبْحُ فِي بَعْضِهَا مُسْتَلْزِمٌ لِكَوْنِهِ حَرَامًا، فَيَكُونُ بَعْضُ الْأَفْعَالِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ وَاجِبًا وَبَعْضُهَا حَرَامًا. فَمَنْ تَرَكَ الْبَعْضَ الْوَاجِبَ أَوْ بَاشَرَ الْبَعْضَ الْمُحَرَّمَ عُذِّبَ ; لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>