للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

حُصُولِ نَفْسِ الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ لَا عَلَى تَصَوُّرِ الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ، وَحُصُولُ نَفْسِ الْعِلْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ، بَلْ تَصَوُّرُ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ، فَلَا دَوْرَ.

فَإِنْ قِيلَ: تَصَوُّرُ غَيْرِ الْعِلْمِ هُوَ حُصُولُ الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: تَوَقَّفَ تَصَوُّرُ غَيْرِ الْعِلْمِ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ تَوَقُّفَ تَصَوُّرِ غَيْرِ الْعِلْمِ أَخَصُّ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْعِلْمَ يَنْقَسِمُ إِلَى التَّصَوُّرِ وَالتَّصْدِيقِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي تَوَقُّفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

قِيلَ فِي تَقْرِيرِ الْجَوَابِ: إِنَّ غَيْرَ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ تَصَوُّرُهُ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ بِالْغَيْرِ لَا عَلَى تَصَوُّرِهِ، وَتَصَوُّرُ الْعِلْمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْغَيْرِ لَا عَلَى تَصَوُّرِهِ.

وَهُوَ بَاطِلٌ ; فَإِنَّ تَصَوُّرَ الْعِلْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُصُولِ الْغَيْرِ، بَلْ عَلَى تَصَوُّرِهِ ; لِأَنَّ تَصَوَّرَ الْمَحْدُودِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَصَوُّرِ الْحَدِّ.

ش - الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ وُجُودَهُ ضَرُورَةً، وَهُوَ عِلْمٌ خَاصٌّ. وَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ الْخَاصُّ ضَرُورِيًّا، كَانَ مُطْلَقُ الْعَلَمِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ ضَرُورِيًّا.

ش - تَقْرِيرُهُ أَنَّ الْعِلْمَ الْخَاصَّ يَسْتَلْزِمُ حُصُولَ الْعِلْمِ الْمُطْلَقِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ أَمْرٍ تُصَوُّرُهُ أَوْ تُقَدُّمُ تَصَوُّرِهِ.

وَإِنَّمَا أَكَّدَ بِقَوْلِهِ: " أَوْ تَقَدُّمُ تَصَوُّرِهِ " دَفْعًا لِوَهْمٍ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ حُصُولَ الْعِلْمِ يَسْتَلْزِمُ تَصَوُّرَهُ حَالَ حُصُولِهِ أَوْ قَبْلَهُ.

وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فِي تَقْرِيرِ الْوَجْهِ الثَّانِي: إِنَّ مُطْلَقَ الْعِلْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَدِيهِيًّا - لَمَا كَانَ تَصْدِيقٌ بَدِيهِيٌّ. وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ مِثْلُهُ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ مُطْلَقَ الْعِلْمِ لَوْ تَوَقَّفَ عَلَى الْكَسْبِ - وَالتَّصْدِيقُ أَحَدُ قِسْمَيِ الْعِلْمِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى مُطْلَقِ الْعِلْمِ - لَتَوَقَّفَ التَّصْدِيقُ عَلَى الْكَسْبِ ; لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى التَّوَقُّفِ عَلَى الشَّيْءِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ.

وَقَرَّرَ جَوَابَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهُوَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُلَازَمَةِ، وَعَلَى أَنَّ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ يُنْتِجَ الْمُلَازَمَةَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ أَمْرٍ تَصَوُّرُهُ، وَلَا تَقَدُّمُ تَصَوُّرِهِ، أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقِ تَصَوُّرُ الْعِلْمِ وَلَا تَقَدُّمُ تَصَوُّرِهِ ; إِذِ الْمُرَادُ بِبَدَاهَةِ التَّصْدِيقِ أَنَّ الْعِلْمَ بِانْتِسَابِ طَرَفَيْهِ حَصَلَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ. وَحُصُولُ الْعِلْمِ بِالِانْتِسَابِ وَبِطَرَفَيْهِ لَا يَسْتَدْعِي تَصَوُّرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>