. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّا عَلِمْنَا أَيْضًا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقَاطِعَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِ الْقَاطِعِ. فَهَذَا الْإِجْمَاعُ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْقَاطِعِ عَلَى غَيْرِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْإِجْمَاعُ دَلِيلًا قَاطِعًا لَكَانَ الْإِجْمَاعُ الْأَوَّلُ الدَّالُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْإِجْمَاعِ عَلَى النَّصِّ مُقْتَضِيًا لِتَقَدُّمِ غَيْرِ الْقَاطِعِ الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى الْقَاطِعِ. فَيَلْزَمُ تَعَارُضُ الْإِجْمَاعَيْنِ ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ الْقَاطِعِ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْآخَرَ يَقْتَضِي عَدَمَ تَقَدُّمِهِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ التَّالِي ; فَلِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْضِي بِامْتِنَاعِ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ أَقْوَالِ مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الدَّلِيلَيْنِ الدَّالَّيْنِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً قَطْعِيَّةً، يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْإِجْمَاعُ الْمُحْتَجُّ عَلَى كَوْنِهِ حُجَّةً، مَا بَلَغَ الْمُجْمِعُونَ فِيهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، لِتَضَمُّنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الدَّلِيلَيْنِ ذَلِكَ، أَيْ كَوْنِ الْمُجْمِعِينَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ; فَلِأَنَّ الْعَادَةَ إِنَّمَا تُحِيلُ اجْتِمَاعَ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ عَلَى الْقَطْعِ فِي شَرْعِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَاطِعٍ إِذَا كَانَ عَدَدُهُمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ.
وَأَمَّا الثَّانِي; فَلِأَنَّ الْعَادَةَ إِنَّمَا تَقْضِي بِامْتِنَاعِ التَّعَارُضِ [بَيْنَ] أَقْوَالِ مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ، إِذَا بَلَغَ عَدَدُهُمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ اتِّفَاقُ مَنْ نُقِصَ عَدَدُهُمْ مِنْ عَدَدِ التَّوَاتُرِ حُجَّةً. وَلَا اخْتِصَاصَ لِكَوْنِهِ حُجَّةً بِاتِّفَاقِ الْمُجْتَهِدِينَ، بَلْ كُلُّ طَائِفَةٍ بَلَغَ عَدَدُهُمْ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، اتِّفَاقُهُمْ إِجْمَاعٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُجْتَهِدِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute