. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مَا حُرِّمَ وَعَكْسُهُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْمُصِيبِ حِينَئِذٍ هُوَ الثَّابِتُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْحُكْمُ الْمُخَالِفُ لِحُكْمِ الْمُصِيبِ لَيْسَ هُوَ بِحُكْمٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ مَأْمُورًا بِالْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ، كَمَا فِي التَّعَبُّدِ بِالْإِفْتَاءِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ ; فَإِنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِمَا وَإِنْ كَانَ خَطَأً.
وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ تَحْرِيمُ مَا حَلَّ وَعَكْسُهُ ; لِأَنَّ حُكْمَهُمَا لَيْسَ هُوَ بِحَكَمٍ ثَابِتٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ; أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ إِمَّا الْحِلُّ أَوِ الْحُرْمَةُ.
وَأَنْ كَانَ [كُلُّ] مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا فَلَا يَرِدُ أَيْضًا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ تَحْلِيلِ الْحَرَامِ وَعَكْسِهِ ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْحُكْمَيْنِ ثَابِتٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ.
قَوْلُهُ: " وَإِنْ تَسَاوَيَا " إِشَارَةٌ إِلَى جَوَابِ دَخَلٍ مُقَدَّرٍ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرْتُمْ إِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْخَبَرَيْنِ رَاجِحًا وَالْآخَرُ مَرْجُوحًا، لِيَلْزَمَ سُقُوطُ الْمَرْجُوحِ الْمُخَالِفِ لِلصَّوَابِ الَّذِي هُوَ الرَّاجِحُ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْخَبَرَانِ تَسَاوَيَا، يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَيَلْزَمُ الْمُحَالُ الْمَذْكُورُ.
تَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ اجْتِمَاعَ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ تَسَاوِي الْخَبَرَيْنِ ; فَإِنَّ عِنْدَ تَسَاوِي الْخَبَرَيْنِ يَتَوَقَّفُ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الرُّجْحَانُ، كَمَا هُوَ عِنْدَ بَعْضٍ. أَوْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، كَمَا هُوَ عِنْدَ بَعْضٍ.
وَالتَّخْيِيرُ أَوِ الْوَقْفُ يَمْنَعُ لُزُومَ اجْتِمَاعِ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute