. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَقِدُ الْمُعَدِّلُ أَوِ الْجَارِحُ عَدَالَتَهُ أَوْ فِسْقَهُ بِأَمْرٍ ثَبَتَ سَبَبِيَّتُهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ سَبَبًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. فَيَبْنِي شَهَادَتَهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ. أَوْ [يَشْهَدُ] عَنْ سَبَبٍ مُخْتَلَفٍ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا، وَلَا يُعْرَفُ الْخِلَافُ، فَلَا يَكُونُ مُدَلِّسًا.
ش - حُجَّةُ الْمَذْهَبِ الثَّانِي، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ. تَقْرِيرُهَا أَنَّهُ لَوِ اكْتَفَى بِالْإِطْلَاقِ فِيهِمَا، وَقَعَ الِالْتِبَاسُ الْمُوجِبُ لِلشَّكِّ ; لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَنْ أَمْرٍ هُوَ سَبَبٌ، وَأَنْ يَكُونَ عَمَّا لَيْسَ بِسَبَبٍ وَظَنَّهُ سَبَبًا. وَالْحَمْلُ عَلَى السَّبَبِ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ. فَيَلْزَمُ الِالْتِبَاسُ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدَ إِخْبَارِ الْعَدْلِ، فَإِنَّهُ مُرَجِّحٌ لِكَوْنِ ذَلِكَ الْأَمْرِ سَبَبًا، وَبِهِ يَحْصُلُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِعَدَالَتِهِ.
ش - حُجَّةُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَوِ اكْتُفِيَ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْجُرْحِ، لَأَدَّى إِلَى تَقْلِيدِ الْمُجْتَهِدِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ لِمَا سَنُبَيِّنُ فِي مَوْضِعِهِ. بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ فِي سَبَبِ الْجَرْحِ، فَالْمُجْتَهِدُ إِذَا اكْتَفَى بِقَوْلِ الْجَارِحِ: إِنَّهُ مَجْرُوحٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَا هُوَ سَبَبُ الْجَرْحِ عِنْدَ الْجَارِحِ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ عِنْدَ الْجَارِحِ سَبَبًا لَيْسَ بِسَبَبٍ عِنْدِ الْمُجْتَهِدِ، لَزِمَ تَقْلِيدُ الْجَارِحِ فِي ذَلِكَ.
وَهَذَا بِخِلَافِ أَسْبَابِ التَّعْدِيلِ، فَإِنَّهَا لِكَثْرَتِهَا لَا تَنْضَبِطُ، فَلَا يُمْكِنُ ذِكْرُهَا. فَلِهَذَا اكْتُفِيَ فِيهِ بِالْإِطْلَاقِ.
ش - هَذِهِ حُجَّةٌ عَكْسُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْإِطْلَاقِ فِي الْجَرْحِ دُونَ التَّعْدِيلِ.
تَقْرِيرُهَا أَنَّ الْعَدَالَةَ مُلْتَبِسَةٌ يَتَعَسَّرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ التَّصَنُّعِ. فَرُبَّ رَجُلٍ أَظْهَرَ صَلَاحِيَتَهُ بِالتَّصَنُّعِ. بِخِلَافِ الْجَرْحِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّصَنُّعُ فِيهِ. فَلَا بُدَّ فِي الْعَدَالَةِ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِهَا لِرَفْعِ الِالْتِبَاسِ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْجَرْحِ لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ.
وَاحْتَجَّ الْإِمَامُ بِأَنَّ الْمُعَدِّلَ أَوِ الْجَارِحَ إِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَمْ يَذْكُرِ السَّبَبَ فِيهِمَا، يَكُونُ قَوْلُهُ مُوجِبًا لِلشَّكِّ ; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute