. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَهَذَا الدَّلِيلُ أَيْضًا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ لَا يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِلنَّهْيِ عَنِ الضِّدِّ ; لِأَنَّهُ كَمَا لَا يُمْكِنُ اسْتِلْزَامُ طَلَبِ الْكَفِّ لِطَلَبِ غَيْرِ الْكَفِّ لَا يُمْكِنُ اسْتِلْزَامُ طَلَبِ غَيْرِ الْكَفِّ لِلْكَفِّ.
وَإِمَّا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّهْيُ مُسْتَلْزِمًا لِلْأَمْرِ، لَزِمَ نَفْيُ الْمُبَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ النَّهْيِ الْأَمْرُ بِالْمُبَاحِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَانْتَفَى الْمُبَاحُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ، وَالْمَأْمُورُ بِهِ وَاجِبٌ.
وَهُوَ أَيْضًا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَوْ كَانَ مُسْتَلْزِمًا لِلنَّهْيِ عَنِ الضِّدِّ يَلْزَمُ أَيْضًا نَفْيُ الْمُبَاحِ.
ش - أَيِ الْقَائِلُ بِأَنَّ أَمْرَ الْإِيجَابِ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ، دُونَ أَمْرِ النَّدْبِ، إِنَّمَا خَصَّصَ أَمْرَ الْإِيجَابِ نَظَرًا إِلَى الْأَمْرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ.
أَمَّا إِلَى الْأَوَّلِ مِنَ الْأَخِيرَيْنِ ; فَلِأَنَّهُ إِنَّمَا اسْتَلْزَمَ الْأَمْرُ النَّهْيَ بِسَبَبِ الذَّمِّ عَلَى التَّرْكِ، وَلَا ذَمَّ عَلَى التَّرْكِ فِي النَّدْبِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَمْرِ النَّدْبِ النَّهْيُ عَنْ ضِدِّهِ.
وَأَمَّا إِلَى الثَّانِي، فَلِأَنَّ اسْتِلْزَامَ الْأَمْرِ لِلنَّهْيِ يُوجِبُ نَفْيَ الْمُبَاحِ، وَنَفْيُ الْمُبَاحِ خِلَافُ الْأَصْلِ، فَخُصِّصَ أَمْرُ الْإِيجَابِ بِاسْتِلْزَامِهِ النَّهْيَ دُونَ أَمْرِ النَّدْبِ ; لِأَنَّ خِلَافَ الْأَصْلِ كُلَّمَا كَانَ أَكْثَرَ كَانَ أَشَدَّ مَحْذُورًا.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَوَّلِ: إِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ انْتِفَاءِ الذَّمِّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute