للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الضَّرُورِيَّاتِ أَرَادَ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهَا، فَذَكَرَ مَا هُوَ الْأَشْهَرُ مِنْهَا، لَا الْجَمِيعَ ; لِأَنَّ الْقَضَايَا الْحَدْسِيَّةَ وَالْقَضَايَا الَّتِي قِيَاسَاتُهَا مَعَهَا، مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا.

فَلِذَلِكَ قَالَ: " مِنْهَا " ; لِأَنَّ " مَنْ " تُفِيدُ التَّبْعِيضَ، فَلْنَقْتَصِرْ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَهِيَ خَمْسٌ: الْأُولَى: الْمُشَاهَدَاتُ الْبَاطِنَةُ، وَهِيَ الْقَضَايَا الَّتِي يَسْتَفِيدُ الْإِنْسَانُ التَّصْدِيقَ بِهَا مِنَ الْقُوَى الْبَاطِنَةِ، وَهِيَ مَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى عَقْلٍ، أَيْ مَا لَا تَفْتَقِرُ فِي حُصُولِ طَرَفَيْهَا عِنْدَ الْمَشَاهِدِ إِلَى عَقْلٍ. كَالْجُوعِ وَالْأَلَمِ ; فَإِنَّ حُصُولَهُمَا عِنْدَ مَنْ يُشَاهِدْهُمَا لَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْعَقْلِ، وَلِذَلِكَ يَحْصُلُ لِلْبَهَائِمِ وَالْمَجَانِينِ.

وَأَمَّا الْحُكْمُ فِيهَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْعَقْلِ، إِنْ كَانَ كُلِّيًّا [كَمَا] فِي سَائِرِ الْقَضَايَا، وَإِنْ كَانَ جُزْئِيًّا فَيَفْتَقِرُ إِلَى الْعَقْلِ أَيْضًا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَاكِمَ مُطْلَقًا هُوَ الْعَقْلُ، سَوَاءٌ كَانَ الْحُكْمُ كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا ; إِذِ الْحِسُّ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا، لَا حُكْمَ لَهُ.

الثَّانِيَةُ: الْأَوَّلِيَّاتُ، وَهِيَ الْقَضَايَا الَّتِي تَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ، أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ الْعَقْلِ بِهَا إِلَّا عَلَى تَصَوُّرِ طَرَفَيْهَا فَقَطْ، سَوَاءٌ كَانَ تَصَوُّرُ طَرَفَيْهَا جُزْئِيًّا، كَعِلْمِكَ أَيْ كَتَصْدِيقِكَ بِوُجُودِكَ، أَوْ كُلِّيًّا، كَتَصْدِيقِكَ بِأَنَّ النَّقِيضَيْنِ يَصْدُقُ أَحَدُهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>