٦٨٢ - وَعَنْ مَالِكٍ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي، فَقَالَ: (إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» ) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٦٨٢ - (وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ) قِيلَ: هُوَ مِنْ قَبِيلَةِ اللَّيْثِ، وَفَدَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقَامَ عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، وَسَكَنَ الْبَصْرَةَ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ. (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي) بِالرَّفْعِ عَلَى الْعَطْفِ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ (فَقَالَ) أَيْ: لَنَا ( «إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا فَأَقِيمَا» ) أَيْ: لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: (وَأَقِيمَا) يَعْنِي: يُؤَذِّنُ أَحَدُكُمَا وَيُقِيمُ، وَالْخِيَارُ إِلَيْكُمَا عِنْدَ اسْتِوَائِكُمَا (وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا) أَيْ: سِنًّا لِسَبْقِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ رُتْبَةً، إِذِ الْغَالِبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ أَعْلَمَ بِالْأَحْكَامِ أَيْ: أَفْضَلُكُمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِيهِ تَفْضِيلٌ لِلْإِمَامَةِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَكْبَرِ وَالْأَفْضَلِ، بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهَا إِمَامَةُ الْأَكْبَرِ سِنًّا أَوْ رُتْبَةً، وَنَقَلَ مِيرَكُ عَنِ الْأَزْهَارِ أَنَّ دَاوُدَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا " عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ فَرْضَا عَيْنٍ. قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَوْلُ بَاطِلًا بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا فَرْضَيْ عَيْنٍ لَأَتَى بِهِمَا كُلٌّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَوْ فُعِلَ لَنُقِلَ إِلَيْنَا. ثُمَّ قَالَ: وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ) عَلَى أَنَّهُمَا فَرْضَا كِفَايَةٍ، يَعْنِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ لِمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ الْإِغَارَةِ.
قُلْتُ: ظَاهِرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي الْفَرْضِيَّةَ لَا السُّنِّيَّةَ، إِذْ جُعِلَ شِعَارَ الْإِسْلَامِ وَبِتَرْكِهِ جُوِّزَ تَرَتُّبُ الِانْتِقَامِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الْمُسِيءِ ( «إِذَا أَرَدْتَ الصَّلَاةَ فَأَحْسِنِ الْوُضُوءَ ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرَ» ) وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْأَذَانِ. قُلْتُ: الْحَدِيثُ مَعَ عَدَمِ اسْتِيعَابِهِ الشُّرُوطَ، كَتَرْكِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً عَلَى أَبِي دَاوُدَ، فَضْلًا عَنْ أَحْمَدَ، إِذِ الْأَذَانُ لَيْسَ مِنَ الشَّرَائِطِ، وَلَا مِنَ الْأَرْكَانِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ لِإِسَاءَةٍ فِيهَا إِعَادَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute