للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٧٦١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي مُسْبِلَ إِزَارِهِ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ) فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ؟ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ (وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ» ) ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٧٦١ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي مُسْبِلَ إِزَارِهِ) : صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِرَجُلٍ أَيْ: مُرْسَلَةً أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبِ تَبَخْتُرًا وَخُيَلَاءَ، قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمُسْبِلُ الَّذِي يُطَوِّلُ ثَوْبَهُ وَيُرْسِلُهُ إِلَى الْأَرْضِ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَبَخْتُرًا وَاخْتِيَالًا اهـ، وَإِطَالَةُ الذَّيْلِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَمَالِكٌ يُجَوِّزُهَا فِي الصَّلَاةِ دُونَ الْمَشْيِ لِظُهُورِ الْخُيَلَاءِ فِيهِ، (قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ، أَيْ: بَعْدَ صَلَاتِهِ لِكَوْنِ صَلَاتِهِ صَحِيحَةً، فَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ أَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، فَقَالَ: (اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ) : قِيلَ: لَعَلَّ السِّرَّ فِي أَمْرِهِ بِالتَّوَضُّؤِ، وَهُوَ طَاهِرٌ أَنْ يَتَفَكَّرَ الرَّجُلُ فِي سَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْرِ، فَيَقِفَ عَلَى مَا ارْتَكَبَهُ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَأَنَّ اللَّهَ بِبَرَكَةِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِيَّاهُ بِطَهَارَةِ الظَّاهِرِ يُطَهِّرُ بَاطِنَهُ مِنْ دَنَسِ الْكِبْرِ ; لِأَنَّ طَهَارَةَ الظَّاهِرِ مُؤَثِّرَةٌ فِي طَهَارَةِ الْبَاطِنِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ (فَذَهَبَ وَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ) : فَكَأَنَّهُ جَاءَ غَيْرَ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ أَمَرْتَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ؟) ، أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ طَاهِرٌ [قَالَ: ( «إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ» ) : وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ، أَيْ: قَبُولًا كَامِلًا صَلَاةَ رُجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ، ظَاهِرُ جَوَابِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إِنَّمَا أَعَادَهُ بِالْوُضُوءِ، وَالَّذِي أَعْلَمُ، أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُصَلِّي وَمَا تَعَلَّقَ الْقَبُولُ الْكَامِلُ بِصَلَاتِهِ، وَالطَّهَارَةُ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ وَأَجْزَائِهَا الْخَارِجَةِ فَسَرَى عَدَمُ الْقَبُولِ إِلَى الطَّهَارَةِ أَيْضًا، فَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الطَّهَارَةِ حَثًّا عَلَى الْأَكْمَلِ وَالْأَفْضَلِ، فَقَوْلُهُ: يُصَلِّي، أَيْ: يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَالْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ الْمُسْبِلُ بِقَطْعِ صَلَاتِهِ، ثُمَّ الْوُضُوءِ، فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) ، قَالَ مِيرَكُ: وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي التَّقْرِيبِ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُؤَذِّنُ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ نَقَلَهُ مِيرَكُ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ: «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَبْصَرَ رَجُلًا يُصَلِّي، وَقَدْ أَسْدَلَ ثَوْبَهُ فَدَنَا مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَعَطَفَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>