٨١٦ - وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ [حَدِيثِ] حَارِثَةَ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ.
ــ
٨١٦ - (وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) .
(وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ) ، أَيِ: ابْنِ أَبِي الرِّجَالِ (وَقَدْ تُكُلِّمَ) ، أَيْ: طَعَنَ (فِيهِ) ، أَيْ: فِي حَارِثَةَ (مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ) ، أَيْ: لَا مِنْ قِبَلِ عَدَالَتِهِ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: هَذَا حَدِيثُ حَسَنٌ مَشْهُورٌ، وَأَخَذَ بِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ عَنْ عُمَرَ، وَقَدْ أَخَذَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى الضَّعْفِ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُلَّةُ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ، كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ؟ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَهُوَ كَلَامٌ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: إِنَّ إِسْنَادَهُ مَدْخُولٌ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ، مَعَ أَنَّ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ يَقَعُ فِي حَقِّ أَقْوَامٍ عَلَى وَجْهِ الْخِلَافِ، فَرُبَّمَا ضُعِّفَ الرَّاوِي مِنْ قِبَلِ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ وَوُثِّقَ مِنْ قِبَلِ آخَرِينَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْأَعْلَامُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَأَخَذُوا بِهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي جَامِعِهِ بِإِسْنَادٍ ذَكَرَهُ فِيهِ، وَهُوَ إِسْنَادٌ حَسَنٌ رِجَالُهُ مَرْضِيُّونَ، فَعُلِمَ أَنَّ التِّرْمِذِيَّ إِنَّمَا تَكَلَّمَ فِي الْإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ، كَذَا فِي شَرْحِ الطِّيبِيُّ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَالَّذِي بَعْدَهُ وَغَيْرِهِ أَنَّ دُعَاءَ الِافْتِتَاحِ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ، وَنَفَى مَالِكٌ نَدْبَهُ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ، وَلِخَبَرِ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـ (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) عَجِيبٌ؛ إِذْ لَا جَوَابَ لَهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ، وَخَبَرُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ لَمْ يَذْكُرْ إِلَّا بَعْضَ الْفَرَائِضِ وَبَعْضَ النَّوَافِلِ، وَمَعْنَى الْخَبَرِ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ السَّابِقَةُ، بَلْ لَوْ صَرَّحَ صَحَابِيٌّ بِنَفْيِهِ لَكَانَ مَحْجُوجًا بِإِثْبَاتِ غَيْرِهِ، ثُمَّ يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ أَدْعِيَةِ الِافْتِتَاحِ بِأَنْ يَخُصَّ الْفَرَائِضَ بِمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَيَقْرَأُ فِي النَّفْلِ بِمَا شَاءَ كَمَا هُوَ مُخْتَارُ مَذْهَبِنَا، أَوِ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَغَيْرُهُ، وَاخْتُلِفَ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ، وَالْمُخْتَارُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِجَمْعٍ عَلَى أَنَّهُ يُقَدَّمُ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ إِلَخْ، لِحَدِيثِ الْبَيْهَقِيِّ: «كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ» " إِلَخْ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَرُدَّ بِأَنَّ طُرُقَهُ كُلَّهَا ضَعِيفَةٌ، قَلْتُ: عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ ضَعْفِهِ لَا يَضُرُّ، فَإِنَّهُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَرَدُّهُ مَرْدُودٌ وَجَمْعُنَا مَحْمُودٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute