الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٨٢٠ - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ، ثُمَّ قَالَ: " «إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَقِنِي سَيِّئَ الْأَعْمَالِ، وَسَيِّئَ الْأَخْلَاقِ، لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ» "، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
ــ
٨٢٠ - (عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ) ، أَيْ: بِالِاسْتِقْبَالِ وَالنِّيَّةِ (كَبَّرَ) : لِلتَّحْرِيمَةِ (ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي) ، أَيْ: بَقِيَّةَ عِبَادَتِي (وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي) ، أَيْ: أَحْوَالِي فِيهِمَا (لِلَّهِ) : أَيْ خَالِصَةٌ لِلَّهِ (رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ) : أَيِ الْإِخْلَاصِ (أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا لَفْظُ التَّنْزِيلِ حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ: أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ إِسْلَامَ كُلِّ نَبِيٍّ مُقَدَّمٌ عَلَى إِسْلَامِ أُمَّتِهِ اهـ، وَالظَّاهِرُ مِنَ الْقُرْآنِ أَنَّ نَبِيَّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَأْمُورٌ بِهَذَا الْقَوْلِ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُ: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: ١٦٢] الْآيَةَ لَكِنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا تَارَةً، وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُخْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ تَوَاضُعًا حَيْثُ عَدَّ نَفْسَهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَمَا قَالَ: " «وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» " وَفِي الْأَزْهَارِ قَوْلُهُ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مَخْصُوصٌ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَقْرَأُ كَذَلِكَ، بَلْ يَقُولُ: وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ الْأَبْهَرِيُّ، قُلْتُ: وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا مَا لَمْ يُرِدْ لَفْظَ الْآيَةِ، يَعْنِي: لَا يَكُونُ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ، بَلْ تَالِيًا لِلْقُرْآنِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ، قِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِلْكَذِبِ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ تَالٍ لَا مُخْبِرٌ ( «اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَعْمَالِ» ) ، أَيِ الظَّاهِرَةِ ( «وَأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ» ) ، أَيِ الْبَاطِنَةِ ( «لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا» ) : أَيِ الْمَذْكُورَاتِ مِنَ النَّوْعَيْنِ ( «إِلَّا أَنْتَ وَقِنِي سَيِّئَ الْأَعْمَالِ، وَسَيِّئَ الْأَخْلَاقِ، لَا يَقِي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ» ) : وَفِي الْعُدُولِ عَنِ الْأَسْوَأِ الْمُقَابِلِ لِلْأَحْسَنِ إِلَى السَّيِّئِ نُكْتَةٌ لَا تَخْفَى (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute