للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٧٥ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٨٧٥ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ» ) ، أَيْ: حِينَ شَرَعَ فِي رَفْعِهِ ( «مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ» ) ، أَيْ: وَإِذَا انْتَهَى إِلَى الِاعْتِدَالِ قَالَ حِينَ مَالَ إِلَى السُّجُودِ ( «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ» ) ، أَيْ: وَيُزَادُ فِي النَّوَافِلِ (مِلْءَ السَّمَاوَاتِ) : بِالنَّصْبِ وَهُوَ أَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَقِيلَ: عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، أَيْ بِمِلْءِ السَّمَاوَاتِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ الْحَمْدِ، وَالْمِلْءُ بِالْكَسْرِ اسْمُ مَا يَأْخُذُهُ الْإِنَاءُ إِذَا امْتَلَأَ، وَهُوَ مَجَازٌ عَنِ الْكَثْرَةِ، قَالَ الْمُظْهِرُ: هُنَا تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ، إِذِ الْكَلَامُ لَا يُقَدَّرُ بِالْمَكَايِيلِ وَلَا تَسَعُهُ الْأَوْعِيَةُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهُ تَكْثِيرُ الْعَدَدِ، حَتَّى لَوْ قُدِّرَ أَنَّ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ تَكُونُ أَجْسَامًا تَمْلَأُ الْأَمَاكِنَ لَبَلَغَتْ مِنْ كَثْرَتِهَا مَا تَمْلَأُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ ( «وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ) ، أَيْ: بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ مَا بَيْنَهُمَا، أَوْ غَيْرُ مَا ذُكِرَ كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَمَا تَحْتَ الثَّرَى، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جِهَتَا الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ، وَالْمُرَادُ بِمِلْءِ مَا شَاءَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ مَا تَعَلَّقُ بِهِ مَشِيئَتُهُ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: هُنَا، أَيْ: مِلْءُ مَا شِئْتَ يُشِيرُ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ حَتَّى الْحَمْدِ بَعْدَ اسْتِفْرَاغِ الْمَجْهُودِ، فَإِنَّهُ حَمِدَهُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَهَذَا نِهَايَةُ أَقْدَامِ السَّابِقِينَ، ثُمَّ ارْتَفَعَ وَتَرَقَّى فَأَحَالَ الْأَمْرَ فِيهِ عَلَى الْمَشِيئَةِ؛ إِذْ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ لِلْحَمْدِ مُنْتَهًى، وَلِهَذِهِ الرُّتْبَةِ الَّتِي لَمْ يَبْلُغْهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يُسَمَّى أَحْمَدَ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>