٨٩٠ - وَعَنْ مَيْمُونَةَ رِضَى اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ جَافَى بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى لَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ تَحْتَ يَدَيْهِ مَرَّتْ» "، هَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، صَرَّحَ فِي: شَرْحِ السُّنَّةِ بِإِسْنَادِهِ.
وَلِمُسْلِمٍ بِمَعْنَاهُ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ» .
ــ
٨٩٠ - (وَعَنْ مَيْمُونَةَ) أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ( «قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ جَافَى» ) ، أَيْ: أَبْعَدَ وَفَرَّقَ (بَيْنَ يَدَيْهِ) ، أَيْ: وَمَا يُحَاذِيهِمَا ( «حَتَّى لَوْ أَنَّ بَهْمَةً» ) : بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَلَدُ الضَّأْنِ أَكْبَرُ مِنَ السَّخْلَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْبَهْمَةُ أَوْلَادُ الضَّأْنِ وَالْمَعِزِ ( «أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ تَحْتَ يَدَيْهِ» ) : وَفِي نُسْخَةٍ: بَيْنَ يَدَيْهِ (مَرَّتْ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْبَهْمَةُ بِالْفَتْحِ، وَلَدُ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، قَالَ الْأَشْرَفُ: الْبَهْمَةُ فِي الْحَدِيثِ كَانَتْ أُنْثَى بِدَلِيلِ أَرَادَتْ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي نَمْلَةِ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ: جَازَ أَنْ يَكُونَ التَّأْنِيثُ لِأَجْلِ التَّأْنِيثِ اللَّفْظِيِّ، وَالْقَوْلُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ، وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ نَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ نَمْلَةَ سُلَيْمَانَ كَانِتْ أُنْثَى لِقَوْلِهِ: قَالَتْ، وَلَا بُدُّ مِنَ التَّمْيِيزِ بِعَلَامَةٍ كَقَوْلِهِمْ حَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَحَمَامَةٌ أُنْثَى، وَهُوَ وَهِيَ وَرَدَّ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ: جَازَ أَنَّ التَّأْنِيثَ لِأَجْلِ التَّأْنِيثِ اللَّفْظِيِّ كَقَوْلِكَ: جَاءَتِ الظُّلْمَةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إِذْ لَا حَاجَةَ هُنَا إِلَى تَمْيِيزٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا نُقِلَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ حَيْثُ قَالَ: هَذَا بَطَّةٌ ذَكَرٌ وَحَمَامَةٌ ذَكَرٌ وَهَذَا شَاةٌ ذَكَرٌ إِذَا عَنَيْتَ كَبْشًا، وَهَذَا بَقَرَةٌ إِذَا عَنَيْتَ ثَوْرًا فَإِنْ عَنَيْتَ أَنَّهَا أُنْثَى قُلْتَ هَذِهِ بَقَرَةٌ، فَالْقَوْلُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ اهـ، نَعَمْ لَوْ جُوِّزَ أَنْ يُقَالَ: قَالَتْ طَلْحَةُ لَكَانَ لِلرَّدِّ وَجْهٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يُقَالَ فَالْقَوْلُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإِنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ، (هَذَا) ، أَيْ: هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ هَذَا اللَّفْظُ (لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، كَمَا صَرَّحَ) : وَفِي نُسْخَةٍ: كَمَا صَرَّحَهُ، أَيِ: الْبَغْوِيُّ (فِي: شَرْحِ السُّنَّةِ بِإِسْنَادِهِ) .
(وَلِمُسْلِمٍ) ، أَيْ: لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ لِمُسْلِمٍ (بِمَعْنَاهُ) ، أَيْ: بِمَعْنَى لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ وَهُوَ (قَالَتْ) ، أَيْ: مَيْمُونَةُ ( «كَانَ النَّبِيُّ إِذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَمَرَّتْ» ) : فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ وَاقِعٌ فِي الْجُمْلَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute