للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْآيَةَ. وَالْإِنْسَانُ فِيهَا هُوَ آدَمُ ثُمَّ ذُرِّيَّتُهُ، وَمَعَ كَوْنِهِ ظَلُومًا أَيْ ظَلَمَ نَفْسَهُ بِالْتِزَامِهِ بِحَمْلِ مَا فِيهِ كُلْفَةً عَظِيمَةً عَلَيْهَا الْمُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ قِيَامِهَا بِهِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ - جَهُولًا؛ لِأَنَّهُ جَهِلَ خَطَرَ تِلْكَ الْأَمَانَةِ وَمَشَقَّةَ رِعَايَتِهَا عِنْدَ تَحَمُّلِهِ لَهَا، وَإِنَّمَا انْتَفَى كَمَالُ الدِّينِ بِانْتِفَائِهَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى اسْتِبَاحَةِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَعْرَاضِ، وَالْأَبْضَاعِ، وَالنُّفُوسِ، وَهَذِهِ فَوَاحِشُ تُنْقِصُ الْإِيمَانَ وَتَقْهَرُهُ إِلَى أَلَّا يَبْقَى مِنْهُ إِلَّا أَقَلُّهُ، بَلْ رُبَّمَا أَدَّتْ إِلَى الْكُفْرِ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ: الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْرِ (وَلَا دِينَ) ] عَلَى طَرِيقِ الْيَقِينِ (لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ) بِأَنْ غَدَرَ فِي الْعَهْدِ وَالْيَمِينِ، قِيلَ: هَذَا الْكَلَامُ وَأَمْثَالُهُ وَعِيدٌ لَا يُرَادُ بِهِ الِانْقِلَاعُ بَلِ الزَّجْرُ وَنَفْيُ الْفَضِيلَةِ دُونَ الْحَقِيقَةِ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةُ، فَإِنَّ مَنِ اعْتَادَ هَذِهِ الْأُمُورَ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقَعَ ثَانِي الْحَالِ فِي الْكُفْرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: ( «مَنْ يَرْتَعُ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» ) . (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) وَكَذَا رَوَاهُ مُحْيِي السُّنَّةِ أَيْ صَاحِبُ الْمَصَابِيحِ بِإِسْنَادِهِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزِيَادَاتٍ لَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا، وَلَفْظُهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْتَقِيمُ دِينُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) . فَقِيلَ: مَا الْبَوَائِقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (غَشْمُهُ، وَظُلْمُهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَصَابَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ وَأَنْفَقَ مِنْهُ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ تَصَدَّقَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَمَا بَقِيَ فَزَادُهُ إِلَى النَّارِ، أَلَا إِنَّ الْخَبِيثَ لَا يُكَفِّرُ الْخَبِيثَ، وَلَكِنَّ الطَّيِّبَ يُكَفِّرُ» ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>