للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

٣٦ - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

الْفَصْلُ الثَّالِثُ

الْمُرَادُ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمُلْحَقَةُ بِالْبَابِ، أَلْحَقَهَا صَاحِبُ الْكِتَابِ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِأَنْ تَكُونَ مِمَّا أَخْرَجَهَا الشَّيْخَانِ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ، وَلَا بِأَنْ تَكُونَ عَنْ صَحَابِيٍّ أَوْ تَابِعِيٍّ.

٣٦ - (عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ) هَذَا مِمَّا يَتَكَرَّرُ كَثِيرًا، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَنْصُوبَيْنِ بَعْدَ " سَمِعْتُ "، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ مَفْعُولٌ، وَجُمْلَةُ يَقُولُ حَالٌ، أَيْ سَمِعْتُ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَقَعُ عَلَى الذَّوَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا الْمَحْذُوفِ بِالْحَالِ الْمَذْكُورَةِ، فَهِيَ حَالٌ مُبَيِّنَةٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُهَا، وَاخْتَارَ الْفَارِسِيُّ أَنَّ مَا بَعْدَ " سَمِعْتُ " إِنْ كَانَ مِمَّا يُسْمَعُ كَـ " سَمِعْتُ الْقُرْآنَ " تَعَدَّتْ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِلَّا كَمَا هُنَا تَعَدَّتْ إِلَى مَفْعُولَيْنِ، فَجُمْلَةُ " يَقُولُ " عَلَى هَذَا مَفْعُولٌ ثَانٍ. وَقِيلَ: يَنْبَغِي جَوَازُ حَذْفِ " يَقُولُ " هَذَا خَطًّا، كَمَا يَجُوزُ حَذْفُ " قَالَ " خَطًّا فِي نَحْوِ " حَدَّثَنَا " مَفْعُولُ " قَالَ " أَيْ: قَالَ حَدَّثَنَا، وَرُدَّ بِأَنَّ حَذْفَ " يَقُولُ " مُلْبِسٌ؛ لِأَنَّهُ يَدْرِي حِينَئِذٍ أَهْوَ يَقُولُ أَمْ قَالَ، بِخِلَافِ حَذْفِ " قَالَ " مِمَّا ذُكِرَ، فَإِنَّهُ فَلَا يُلْبِسُ، وَمِنْ ثَمَّ جُوِّزَ حَذْفُهَا حَتَّى فِي الْقِرَاءَةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ، وَالنَّوَوِيُّ. (مَنْ شَهِدَ) أَيْ بِلِسَانِهِ مُطَابِقًا لِجَنَانِهِ (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَالْتَزَمَ جَمِيعَ مَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَقَبِلَ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ) أَيِ الْخُلُودَ فِيهَا كَالْكُفَّارِ، بَلْ مَآلُهُ إِلَى الْجَنَّةِ مَعَ الْأَبْرَارِ، وَلَوْ عَمِلَ مَا عَمِلَ مِنْ أَعْمَالِ الْفُجَّارِ، وَكَذَا دُخُولُهَا إِنْ مَاتَ مُطِيعًا، وَأَمَّا إِذَا مَاتَ فَاسِقًا فَهُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّلَفُّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَخْلُدُ فِي النَّارِ، عَلَى مَا فِيهِ مِنْ خِلَافٍ حُكِيَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا حِكَايَةَ النَّوَوِيِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْأَوَّلِ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَتَقَرَّرَ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>