للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضْلِهَا

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٩١٩ - «عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حُمَيْدٌ مَجِيدٌ» .

ــ

[١٦] بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَضْلِهَا.

أَيْ: بَابُ حُكْمِ الصَّلَاةِ وَثَوَابِهَا، اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] ، هَلْ هُوَ لِلنَّدْبِ أَوْ لِلْوُجُوبِ؟ ثُمَّ هَلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فَرْضُ عَيْنٍ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، ثُمَّ هَلْ تَتَكَرَّرُ كُلَّمَا جُمِعَ ذِكْرُهُ أَمْ لَا؟ وَإِذَا تَكَرَّرَ هَلْ تَتَدَاخَلُ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَرْضٌ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَبُسِطَ هَذَا الْمَبْحَثُ فِي الْقَوْلِ الْبَدِيعِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الشَّفِيعِ لِلسَّخَاوِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَنَا الْوُجُوبُ وَالتَّدَاخُلُ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.

٩١٩ - (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى) : صَحَابِيٍّ شَهِدَ أُحُدًا وَمَا بَعْدَهَا كَذَا فِي التَّهْذِيبِ، وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ: أَنْصَارِيٌّ مَدَنِيٌّ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّانِيَةِ، اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنْ عُمَرَ (قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ (فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً) : الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ لِقَوْلِهِ: بَلَى (سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : الْفَاءُ، لِلتَّفْسِيرِ إِذِ التَّقْدِيرُ: أَرَدْنَا السُّؤَالَ ( «فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ» ) : فِيهِ تَغْلِيبٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآتِي: كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ (أَهْلَ الْبَيْتِ؟) : بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ وَالِاخْتِصَاصِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُنَادًى مُضَافٌ، وَيَجُوزُ جَرُّهُ بِكَوْنِهِ عَطْفَ بَيَانٍ لِضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ، أَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَبِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ عَلَيْكُمْ، فَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُبْدَلُ ظَاهِرٌ مِنْ مُضْمَرٍ بَدَلَ الْكُلِّ إِلَّا مِنَ الْغَائِبِ مِثْلَ: ضَرَبْتُهُ زَيْدًا كَمَا فِي الْكَافِيَةِ لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَهَذَا مِنَ الْفُرُوقِ اللَّفْظَيَّةِ بَيْنَ عَطْفِ الْبَيَانِ وَبَدَلِ الْكُلِّ (فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا) ، أَيْ: فِي التَّحِيَّاتِ بِوَاسِطَةِ لِسَانِكَ (كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ) ، أَيْ: بِأَنْ نَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِلَخْ، كَذَا قِيلَ، وَحَاصِلُهُ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْكَ، وَقَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ السَّلَامُ عَلَيْكَ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ قَالَ: بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَلَمَّا لَمْ يَعْرِفُوا كَيْفِيَّتَهَا سَأَلُوهُ عَنْهَا مَقْرُونًا بِالْإِيمَاءِ، إِلَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلسَّلَامِ أَيْضًا إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ بِتَعْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِلِسَانِهِ، فَأَرَادُوا [تَعْلِيمَ] الصَّلَاةِ أَيْضًا عَلَى لِسَانِهِ [بِأَنَّ] ثَوَابَ الْوَارِدِ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ إِلَى عَجْزِهِمْ عَنْ كَيْفِيَّةِ أَدَاءِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَقِّ الْبَارِي: " «سُبْحَانَكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» ".

قَالَ الْمُظْهِرُ: أَيْ عَلَّمَنَا اللَّهُ كَيْفَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ فِي قَوْلِهِ: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ؟ وَفِيهِ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ غَيْرُ مُسْتَفَادَةٍ مِنَ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا الْمُسْتَفَادُ مِنْهَا الْأَمْرُ بِهِمَا، كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ، ( «قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ» ") : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِيهِ رِوَايَةٌ لِلشَّيْخَيْنِ: «أَلَا أُهْدِيَ لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ» ؟ وَفِي رِوَايَةٍ سَنَدُهَا جَيِّدٌ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦] «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>