٩٢٩ - «وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: " مَا شِئْتَ "، قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "، قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ "، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: " إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُكَفَّرُ لَكَ ذَنْبُكَ» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
ــ
٩٢٩ - (وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ، بِمَا فِيهِ» (إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ) ، أَيْ: أُرِيدُ إِكْثَارَهَا (فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟) ، أَيْ: بَدَلَ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي (فَقَالَ: مَا شِئْتَ) ، أَيِ: اجْعَلْ مِقْدَارَ مَشِيئَتِكَ (قُلْتُ: الرُّبُعَ؟) : بِضَمِّ الْبَاءِ وَتُسَكَّنُ، أَيْ: أَجْعَلَ رُبُعَ أَوْقَاتِ دُعَائِي لِنَفْسِي مَصْرُوفًا لِلصَّلَاةِ عَلَيْكَ؟ ( «قَالَ: " مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " قُلْتُ: النِّصْفَ؟ قَالَ: " مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟» ) : بِضَمِّ اللَّامِ وَتُسَكَّنُ ( «قَالَ: مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ " قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا» ؟) ، أَيْ: أَصْرِفُ بِصَلَاتِي عَلَيْكَ جَمِيعَ الزَّمَنِ الَّذِي كُنْتُ أَدْعُو فِيهِ لِنَفْسِي (قَالَ: " إِذَنْ ") : بِالنُّونِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بِالْأَلْفِ: مُنَوَّنًا (" تُكْفَى ") : مُخَاطَبٌ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ (" هَمَّكَ ") : مَصْدَرٌ، بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ ثَانٍ لِتُكْفَى، فَإِنَّهُ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَالْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ الْمَرْفُوعُ، بِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَهُوَ أَنْتَ، كَذَا نَقَلَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ عَنِ الْأَزْهَارِ، قَالَ الْأَبْهَرِيُّ، أَيْ: إِذَا صَرَفْتَ جَمِيعَ زَمَانِ دُعَائِكَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيَّ كُفِيتَ مَا يَهُمُّكَ اهـ.
وَفِي صَحِيحِ السَّيِّدِ أَصِيلِ الدِّينِ يَكْفِي بِالْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ، وَهَمُّكَ بِرَفْعِ الْمِيمِ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَيُقَالُ: كَفَاهُ الشَّيْءُ كَمَا يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، وَيُقَالُ: كَفَاهُ الشَّيْءُ، كَذَا فِي الْمُقَدِّمَةِ (" وَيُكَفَّرَ ") : بِالنَّصْبِ (" لَكَ ذَنْبُكَ ") : وَلَفْظُ الْحِصْنِ: وَيُغْفَرَ لَكَ ذَنْبُكَ، قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ كَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي؟ وَلَمْ يَزَلْ يُفَاوِضُهُ لِيُوقِفَهُ عَلَى حَدٍّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحُدَّ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ الْفَضِيلَةُ بِالْفَرِيضَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ لَا يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابَ الْمَزِيدِ ثَانِيًا، فَلَمْ يَزَلْ يَجْعَلُ الْأَمْرَ إِلَيْهِ دَاعِيًا لِقَرِينَةِ التَّرْغِيبِ وَالْحَثِّ عَلَى الْمَزِيدِ، حَتَّى قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، أَيْ: أُصَلِّي عَلَيْكَ بَدَلَ مَا أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي، فَقَالَ: " إِذًا يُكْفَى هَمُّكَ "، أَيْ: أَهَمَّكَ مِنْ أَمْرِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَتَعْظِيمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالِاشْتِغَالِ بِأَدَاءِ حَقِّهِ عَنْ أَدَاءِ مَقَاصِدِ نَفْسِهِ، وَإِيثَارِهِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَعْظَمَهُ مِنْ خِلَالٍ جَلِيلَةِ الْأَخْطَارِ وَأَعْمَالٍ كَرِيمَةِ الْآثَارِ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ نَقَلَهُ مِيرَكُ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهُوَ عِنْدُ ابْنِ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ، وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَالرُّويَانِيِّ اهـ، وَلِلْحَدِيثِ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ بَدَلَ أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: (فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟) ، أَيْ: بَدَلَ (صَلَاتِي مِنَ اللَّيْلِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute